تاريخ انسحاب القوات الأمريكية من فيتنام

غادرت القوات الأمريكية فيتنام الجنوبية في 29 مارس عام 1973م ، منهية بذلك التدخل الأمريكي في الأراضي الفيتنامية والذي استمر لمدة ثمانية سنوات ، وكانت القوات الأمريكية قد دخلت فيتنام لأول مرة عام 1961م بأوامر من الرئيس الأمريكي جون كنيدي وبعد أن قدمت أمريكا الدعم العسكري غير المباشر لفيتنام الجنوبية لمدة عقدين من الزمان ، وبعد ثلاثة سنوات أمر الرئيس الأمريكي ليندون ب جونسون بشن غارات على فيتنام الشمالية ، ثم تصاعدت الهجمات الأمريكية بعد ذلك ، وقاد سلاح الجو الأمريكي أكبر حملة قصف في التاريخ .
وقد جاء انسحاب القوات الأمريكية من فيتنام بعد شهرين من توقيع اتفاقية السلام في باريس والتي تم توقيعها بين ممثلين من الولايات المتحدة وجنوب فيتنام وشمال فيتنام وفيت كونج(الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام ) ، وقد نصت المعاهدة على انسحاب القوات الأمريكية من فيتنام الجنوبية مع التأكد من أن فيتنام الجنوبية ستكون قادرة على إجراء انتخابات حرة وديمقراطية ، كما كانت تنص المعاهدة على إعادة توحيد فيتنام بالطرق السلمية .
وفي المقابل قامت فيتنام الشمالية بإطلاق نحو 591 من أسرى الحرب في بادرة أطلق عليها اسم “عملية العودة للوطن ” ، وفي نفس الوقت تركت أمريكا حوالي 7000 من عملاء وزارة الدفاع الأمريكية في سايجون عاصمة فيتنام الجنوبية لمساعدة الحكومة هناك في حربها المستمرة ضد فيتنام الشمالية .
كانت المعاهدة في الحقيقية مجرد لفتة لحفظ ماء وجه القوات الأمريكية بسبب خسائرها الفادحة ، وقبل سحب أخر جندي أمريكي من فيتنام ، عادت فيتنام الشمالية لإطلاق النار وفي العام التالي استؤنفت الحرب الشاملة في فيتنام مرة أخرى .
وفي أبريل عام 1975م استولى “جيش الشعب الفيتنامي” و”جبهة التحرير الوطني لجنوب فيتنام” التابعتين لفيتنام الشمالية على العاصمة سايجون عاصمة فيتنام الجنوبية ليتم توحيد البلدين وتصبح دولة واحدة أطلق عليها اسم جمهورية فيتنام الاشتراكية لتنتهي بذلك حرب فيتنام الصعبة أخيرًا .
أسفرت حرب فيتنام عن مقتل عدد كبير من الأفراد من كل الأطراف ، فالتقديرات تشير إلى أن عدد القتلى الفيتناميين في هذه الحرب يتراوح بين 966 ألف إلى 3 مليون شخص ، كما قتل ما بين 240 ألف إلى 300 ألف من الكمبوديين ، وما يتراوح بين 20 ألف إلى 62 ألف من اللاويين ، كما قتل حوالي 58220 من الجنود الأمريكيين ، وتم اعتبار حوالي 1626 من الأمريكيين في عداد المفقودين .
كانت حرب فيتنام بمثابة نقطة تحول في الثقافة والسياسة الأمريكية ، حيث أنها تعتبر أطول حرب شنتها القوات الأمريكية على أراضي أجنبية ، وقد أدت إلى انخفاض الروح الوطنية لدى الأمريكيين بدرجة كبيرة نتيجة للعدد الكبير من الضحايا ، كما أن الولايات المتحدة قد ارتكبت جرائم حرب كبيرة في فيتنام ، كما أنها قللت من ثقة الشعب في المسئولين المنتخبين وفي نوايا السياسة الخارجية الأمريكية ، وهي مازالت أحد نقاط الخلاف الكبيرة في التاريخ الأمريكي .