شخصيات

سيرة حياة توماس جيفرسون

توماس جيفرسون (1743-1826م) هو ثالث رئيس أمريكي ومؤلف إعلان الاستقلال وهو أحد الشخصيات البارزة التي ساهمت في بناء أمريكا في وقت مبكر من تاريخها ، وقد كان جيفرسون عضو في الهيئة التشريعية لولاية فيرجينيا والكونجرس القاري وحاكم ولاية فلوريدا خلال فترة الثورة الأمريكية وحرب الاستقلال (1775-1783م) .

وقد شغل جيفرسون في وقت لاحق منصف سفير الولايات المتحدة لدى فرنسا ووزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية ، كما كان نائب الرئيس في عهد الرئيس جون آدمز ، وقد تم انتخاب جيفرسون كثالث رئيس للولايات المتحدة الأمريكية في عام 1800 ، وخلال فترتي ولايته التي امتدت من 1801م إلى 1809م قام بشراء ولاية لويزيانا وضمها إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، كما أرسل حملة لويس وكلارك الاستكشافية ، على الرغم من أن جفرسون كان ينادي بالحرية الفردية إلا أنه كان يملك العبيد ، بعد انتهاء ولايته تقاعد في مزرعته بولاية فيرجينيا وقد ساهم في تأسيس جامعة فيرجينيا .

حياته الأولي :
ولد جيفرسون في 13 أبريل 1743م في مزرعة شادويل والتي كانت تقع بالقرب من شارلوتسفيل بولاية فرجينيا ، وقد كان والده بيتر جيفرسون مزارعًا ومساحًا للأراضي بارعًا ، أما والدته جين راندولف جيفرسوف فقد كانت تنتمي لأحد العائلات البارزة في فيرجينا ، وقد كان توماس هو الابن الثالث لهما وكان له أخ وحيد وستة أخوات .

في عام 1762 تخرج جيفرسون من كلية ويليام ماري في ويليامسبورغ  بولاية فرجينيا ، وقد كان يقضي 15 ساعة في الدراسة يوميًا ثم يتدرب على العزف على الكمان لعدة ساعات كل يوم ، ولأن فيرجينيا لم يكن بها مدارس لدراسة القانون فقد درس جيفرسون القانون تحت وصاية أحد المحامين المرموقين في فيرجينيا ، ثم بدأ العمل كمحامي عام 1767م .

أصبح جيفرسون عضو في مجلس بورحيسيس وهو أول مجلس تشريعي منتخب في شمال أمريكا وقد اشتهر بسبب المنشور الذي ألفه تحت عنوان “نظرة موجزة على حقوق أمريكا البريطانية” والذي أعلن فيه أن البرلمان البريطاني ليس الحق في ممارسة على المستعمرات الأمريكية .

الزواج ومونتايسلو :
ورث جيفرسون مزرعة شادويل بعد ,فاة الده وهو في سن المراهقة ، وقد قام في عام 1768م بتطهير قمة مرتفعة كانت توجد داخل المزرعة تمهيدًا لبناء قصر أنيق من الطوب وقد أطلق عليه اسم مونتايسلو  ، وقد كان جيفرسون مهتمًا بالهندسة المعمارية والبستنة  ولذلك قام بتصميم المنزل بنفسه كما أعاد تشكيله وتوسعته على مدار حياته كما أنه ملأه بأشكال الفن والمفروشات الجميلة والأدوات المثيرة ، كما احتفظ بسجلات تحوي كل تفاصيل المزرعة التي تبلغ مساحتها 5000 فدان ، مثل تفاصيل الطقس اليومية وملاحظات عن العبيد والحيوانات وكل أمور الزراعة .

تزوج جيفرسون من مارثا وايليس سكيلتو في 1 يناير 1772 ،  وهي أرملة شابة وانتقل الزوجان إلى مونتايسلو ، وقد أنجبا ستة أطفال ولكن لم ينجو منهم سوى ابنتان هما مارثا وماري ، ولكن توفت زوجته في عام 1782م نتيجة لمضاعفات الولادة ، تاركه جيفرسون في حالة ذهول ولم يتزوج مرة أخرى ، ولكن يعتقد أنه أنجب المزيد من الأطفال من أحد العبيد .

بالرغم من أن جيفرسون كان يؤمن بالحرية الفردية وكان يدعو لوضع خطة لتحرير العبيد تدريجيًا ولكنه كان يملك عبيد طوال حياته ، وبالرغم من أنه كتب في إعلان الاستقلال “كل الرجال خلقوا متساويين” إلا أنه كان يرى أن الأمريكيين الأفارقة أقل بيولوجيًا من البيض .

جيفرسون والثورة الأمريكية :
مع اندلاع الحرب والثورية الأمريكية تم اختيار جيفرسون كمندوب في المؤتمر القاري الثاني في عام 1775 م ، وعلى الرغم من أنه لم يكن معروفًا كمتحدث عام جيد ، إلا أنه كان كاتبًا موهوبًا وقد طلب منه صياغة إعلان الاستقلال وهو في عمر 33 ، وقد ناقش جيفرسون محتويات الوثيقة مع لجنة صياغة تضم خمسة أعضاء منهم جون آدمز و بنجامين فرانكلين قبل كتابتها ، قد شرح جيفرسون في إعلان الاستقلال لماذا تريد المستعمرات ال13 التخلص من الحكم البريطاني وكذلك أهمية الحقوق والحريات الفردية.

استقال جيفرسون من الكونجرس القاري في عام 1776م ، وقد تم إعادة انتخابه في دار البورجيسيس (بعد أن تم تغيير اسمه إلى دار المندوبين في فرجينيا ) ، وقد اعتبر جيفرسون أن قانون الحرية الدينية لولاية فيرجينيا الذي قام بصياغته ليضمن للأفراد حرية العبادة أحد أهم الإنجازات في حياته الشخصية .

مسار جيفرسون للرئاسة :
في عام 1789 قبل جيفرسون ترشيح الرئيس جورج واشنطن ليصبح بذلك أول رئيس دولة في الدولة الأمريكية الجديدة ، ولكن جيفرسون اختلف مع وزير الخزانة الأمريكي ألكسندر هاملتون حول السياسة الخارجية وتفسيراتها المختلفة في الدستور الأمريكي ، فقام بتأسيس الحزب الديمقراطي – الجمهوري لمعارضة الحزب الفدرالي الذي ينتمي إليه هاملتون ، وقد دعا لتشكيل حكومة وطنية قوية تتمتع بصلاحيات اقتصادية واسعة .

ثم تنافس جيفرسون في انتخابات الرئاسة عام 1796 ضد جون آدمز وحصل على الترتيب الثاني من حيث عدد الأصوات ، وترشح ضده مرة أخرى في انتخابات عام 1800 وفي هذه المرة تغلب جيفرسون عليه ، ولكن بسبب خلل في النظام الانتخابي تساوى جيفرسون من زميله في الحزب هارون بور في عدد الأصوات .

تدخل مجلس النواب وصوت لصالح جيفرسون ، كما اقترح المجلس التعديل الثاني عشر للدستور الأمريكي الذي يتطلب التصويت المنفصل للرئيس ونائب الرئيس من قبل الكونجرس ، وتم التصديق على التعديل في عام 1804 من أجل تجنب تكرار هذا الموقف .

جيفرسون رئيس :
أدى جيفرسون اليمين الدستورية في 4 مارس 1801 ؛ وكان أول تنصيب رئاسي يتم في واشنطن العاصمة ، ومن أهم إنجازات جيفرسون في الرئاسة هو شراؤه لإقليم لويزيانا من فرنسا مقابل 15 مليون دولار في عام 1803، وبذلك تضاعف حجم الولايات المتحدة ، كما كلف جيفرسون ميريويذر لويس وويليام كلارك باستكشاف الأرض المجهولة ، بالإضافة إلى المنطقة الواقعة خارج المحيط الهادي واستمرت البعثة ، المعروفة اليوم باسم فيلق الاكتشاف ، من 1804 إلى 1806 وقدمت معلومات قيمة عن الجغرافيا و القبائل الهندية الأمريكية والحياة النباتية والحيوانية في الجزء الغربي من القارة الذي كان مجهولا حتى ذلك التاريخ .

وفي عام 1804 ترشح جيفرسون مرة أخرى ونجح في الحصول على ولاية ثانية ، وقد حاول جيفرسون في تلك الفترة الابتعاد عن دائرة الحروب النابوليونية ، ومع ذلك عندما بدأت كلا من فرنسا وانجلترا في مضايقة السفن الأمريكية اضطر لاتخاذ مجموعة من القرارات أدت في النهاية لإعلانه الحرب على بريطانيا في عام 1812م .

وقد اختار جيفرسون عدم الترشح لولاية ثالثة في عام 1808م وخلفه جيمس ماديسون في رئاسة أمريكا .

سنواته الأخيرة :
أمضى جيفرسون سنواته الأخيرة في مونتايسلو ، حيث استمر في متابعة اهتماماته العديدة ، بما في ذلك الهندسة المعمارية والموسيقى والقراءة والبستنة ، كما ساعد في تأسيس جامعة فرجينيا  التي عقدت دروسها الأولى في عام 1825 ، وقد شارك جيفرسون في تصميم مباني الجامعة ومناهجها .

توفي جيفرسون عن عمر يناهز 83 عامًا في مونتايسلو في 4 يوليو 1826 ، في الذكرى الخمسين لتوقيع إعلان الاستقلال ، وبالمصادفة توفي جون آدامز  صديق جيفرسون ومنافسه وزميله في تأليف إعلان الاستقلال في نفس اليوم ، ودفن جيفرسون في مونتايسلو ومع ذلك ، بسبب الديون الكبيرة التي تراكمت على جيفرسون خلال حياته ، تم بيع قصره وعبيده في مزاد علني بعد وفاته.

هل تعلم ؟
باع جيفرسون مكتبته الخاصة والتي كانت تضم حوالي 6700  كتاب إلى الكونجرس مقابل مبلغ 23950 دولار لتحل محل المكتبة التي أحرقها البريطانيين خلال الحرب عام 1812م ، وقد شكلت هذه الكتب الأساس لمكتبة الكونجرس الجديدة .

المراجع:

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى