ماريا بوخاريفا قائدة أول فرقة نسائية في الحرب العالمية الأولى

كانت ماريا بوخاريفا فلاحة صارمة الملامح شبه أمية ولكنها أصبحت أول ضابطة في الجيش الروسي خلال الحرب العالمية الأولى ، كما كونت وحدة نسائية كاملة للمشاركة في المعركة في الجبهة الشرقية وقد توفيت في 16 مايو 1920 م وهي في الثلاثين من عمرها بعد أن تم إعدامها على يد البلاشفة .
ولفترة قصيرة في حياتها كانت ماريا شخصية هامة ومؤثرة ، كما أنها كانت محط اهتمام دولي ، كما جذب مجهودها في الحرب انتباه الساسة الروس وقادة العالم والناشطين البارزين والصحفيين ، كما التقت بالملك جورج الخامس ملك بريطانيا ، والرئيس وودرو ويلسون رئيس الولايات المتحدة ، كما منحها الرئيس روزفلت مبلغ 1000 دولار من أموال جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها .
ولكنها كانت على الجانب الخاسر من التاريخ وقد أدى ذلك في النهاية إلى موتها ، وتعتبر الشهرة التي وصلت إليها ماريا مثيرة بالنسبة لنشأتها المتواضعة .
فقد ولدت ماريا لأسرة فقيرة في يوليو عام 1889م بمدينة تومسك السيبيرية ، وقد كان والدها مدمنًا للكحول وقد اعتاد على ضربها هي وأخواتها الثلاثة ووالدتها .
وقد تزوجت وهي في سن الخامسة عشر ولكن زواجها أخفق لأن زوجها لم يختلف عن والدها حيث كان أيضًا مدمنًا على الكحول ويسئ إليها ، وحين أعلنت ألمانيا الحرب على روسيا في أغسطس 1914م أرسلت ماريا برقية للقيصر حتى يسمح لها بالخدمة في الجيش ، ولم يكن التحاق النساء بالجيش أمر شائع في ذلك الوقت .
وقد ذكرت في مذكراتها كيف أن الروح المجيدة التي انتشرت عبر روسيا انتقلت إليها وجعلتها تتحرك لنصرة الوطن ، على الرغم من أن بعض المعاصرين يشككون في نواياها ، ويعتقدون أنها ربما أرادت أن تتخلص من علاقة الزواج المسيئة فحسب .
وقد عشقت ماريا الحياة العسكرية وارتدت الزي العسكري وقصت شعرها مثل الرجال واتبعت أسلوب حياة الجنود ، وكادت أن تقتل بينما كانت تنام فوق قطار نقل مزدحم ، وساعدت في إنقاذ الجرحى ، وتطوعت في مهمات استطلاع كما أصيبت عدة مرات .
أيضًا تعرضت للتهكم والتحرش الجنسي منذ الليلة الأولى لها في الثكنات العسكرية بتومسك ولكنها تغلبت على ذلك وأظهرت شجاعة فائقة ، وانتشرت صورها في الصحف وبين القادة والمسئولين ، كما كانت تلتقي مع نشطاء معنيين بحقوق المرأة .
ولكن بحلول عام 1917م وجدت ماريا نفسها وسط جيش خاسر ومحبط وقد كان ألكسندر كيرينسكي رئيس الحكومة الروسية المؤقتة يائس من تحقيق أي نصر إضافي ، ولذلك اقترح تشكيل فرقة كاملة من النساء ، بهدف تشجيع نظرائهم الرجال على مواصلة القتال ، وعلى الرغم من أن ماريا لم تستوعب ذلك الأمر إلا أنها بدأت في تلقي طلبات الالتحاق .
وقد تلقت أكثر من 2000 طلب من متطوعات للالتحاق “بكتيبة الموت “كما أطلقوا عليها ، ووافقت ماريا على 300 منهم ، ولكن بالرغم من سمعة ماريا في الجيش إلا أن كتيبتها كانت تفتقر للانضباط ، وقد رأت ماريا أن السبيل الوحيد لتحويل هؤلاء السيدات إلى جنود هو من خلال تجريدهم من كل ما هو أنثوي ، فحلقت رؤؤسهن وحظرت عليهن استخدام فرشاة الأسنان وجعلتهم يبصقون ويتصرفون مثل الرجال .
وقد فشلت خطة كيرنيسكي ، فقد كان تأثير هذه الوحدة على معنويات الجنود لا يذكر ، وأثبتت الحرب أنها لا تلقى شعبية لدى الناس .
وبعد أن انتزع البلاشفة السلطة من يد كيرنيسكي قاموا بحل الفرقة النسائية بشكل رسمي وانسحبوا من الحرب في نوفمبر 1917م ، وأصبحت ماريا منبوذة من الحكومة الجديدة ووصفت بأنها مناهضة للثورة وأصبحت مهددة بالإعدام .
وقد سافرت إلى إنجلترا والولايات المتحدة في عام 1918م بمساعدة مجموعة من الأصدقاء المتعاطفين معها ، وكان الهدف من الزيارة هو الأمل في الحصول من مساعدات من الحلفاء حتى تعود روسيا للحرب ، والتقت بالسفراء والمراسلين والسياسيين وأعضاء الحكومة ، كما التقت بصحافية روسية في نيويورك وشرعت في كتابة سيرتها الذاتية .
ولكن في ذلك الوقت كانت روسيا قد دخلت بالفعل في حرب أهلية ، حيث كان الجيش الأحمر التابع للبلاشفة يحارب جميع الفصائل الأخرى ، وحين عادت ماريا إلى روسيا مرة أخرى التقت بقائد الوحدة المناهضة للبلاشفة الجنرال ماروشيفسكي ، ولكنه روعها كثيرًا ورفض انضمامها للقتال ، وبالرغم من ذلك بعد انتصار البلاشفة تتبعتها الشرطة السرية التابعة لهم وسجنتها ، وبعد أن استجوبوها لمدة أربعة أشهر ، اعتبروها عدوًا للشعب وقاموا بإعدامها .