دول و مدن

توفير المال عشق الألمان وهوسهم

عرف عن الألمان منذ فترة كبيرة حبهم للتوفير والاقتصاد في الأموال في الفرح والكرب لكن ما الأسباب وراء ذلك؟

إقامة متحف لتكريم فكرة الادخار
قد تم ذكر أسباب وتاريخ هذا الجنون القومي بالتوفير في معرض أقيم بمدينة برلين بعنوان “الادخار فضيلة ألمانية” ، ويبدو واضحا أن الكثير لا ينظر إلى عملية التوفير هذه على أنها شيء حميد ، والتي أصبحت أضحوكة الشعب على مدار التاريخ ، وقد انتشرت هذه الخصلة في الحكومة الألمانية والتي عرف عنها فرض قوانين حادة في الضرائب والإنتاج والتجارة ، حتى وصل الأمر إلى إلقاء اللوم عليها من قبل الولايات المتحدة وصندوق النقد بسبب المشكلات الاقتصادية التي طالت بقية دول أوروبا.

الحكومات الألمانية سوقت لفكرة الادخار حتى أقنعت شعبها :
ويعتبر حب الألمان للتوفير والادخار أمرا ليس اعتباطيا أو قد حدث بالصدفة ، ويوضح المعرض أنه في القرنيين الماضيين كانت البنوك والحكومات الألمانية تنشر الإعلانات التي تحفز على ضرورة توفير المال وادخاره كوسيلة من أجل ضمان المستقبل ، وكانت هذه التصرفات هي الجذور التي غرزت في الشعب الألماني وتصرفاته الاقتصادية ، وتنوعت تلك الدعايات في أشكالها وأهدافها ومضمونها في تحفيز الناس على الاستعداد ليوم يحتاجون فيه ذلك المال ، وكان الهدف من وراء تلك النداءات بالتوفير هو تسويق سندات الحرب لدعم الحرب لكي تمضي في أهدافها ، وأما بقية السندات فكانت من أجل النهوض بالبلاد بعد الحربين العالميتين.

تسويق فكرة المواطن الصالح :
الفكرة التي تم الترويج لها المواطن الصالح والراعي لأسرته هو الذي يقتطع جزءا من دخله حتى يعين أسرته ونفسه في حالات الضيق المالي ، وذلك هو جزء لا يتجزأ من دعم الصالح العام والذي بدوره يعود بالفائدة على المجتمع ، وانتشرت هذه المبادئ في أوائل القرن التاسع عشر ، حيث شرعت المصارف وقتها بتوعية أطفال المدارس بأهمية التوفير وحفظ المال ، ولم يطول الأمر كثيرا حتى انتشرت البنوك التوفيرية بشكل كبير جدا.

فكرة الادخار لم تقتصر على الأفراد وإنما شملت البنوك :
وصرح روبرت موشالا أن الحكومة لاحظت أن البنوك التي تعمل بنظام التوفير كانت تخدم عدة أهداف في نفس الوقت ، وأن تلك البنوك كانت تستخدم لمنع انتشار الفقر بين طبقات المجتمع وتساعد في التحكم في الظروف الاجتماعية ، ومن جهة أخرى كانت توفر الأموال اللازمة للدولة في أثناء الحروب وبعد انتهاء تلك الحروب وما تخلفه ورائها من دمار.

التوفير في وقت العسر:
كان مصطلح التوفير مرتبط دائما بأوقات العسر وذلك في جميع بلدان العالم ومن ضمنهم ألمانيا ، وكان الشعب الألماني يساعد بلاده في أوقات الحروب بشراء سندات الحرب وذلك من أجل دعم بلدهم وحدث هذا الأمر في الحرب العالمية الأولى .

وبعد الحرب العالمية الأولى ساد الكساد و تضخم الاقتصاد والديون ولكن أسلوب التوفير الذي كان طابعا لدى الألمان ساعد في تجاوز تلك الأزمة ، واستمر الأمان في فعلهم هذا وادخارهم لأموالهم حتى بعد ضياع قيمة عملتهم المحلية في عام 1923.

هتلر والتوفير :
ثم جاء هتلر وتسلم مقاليد الحكم وذلك في عام 1933 ونشر وسط الشعب الألماني العديد من الحملات الدعائية التي تحثهم على الادخار والتوفير ، وعلل هذا الأمر بأن هذا الفعل هو واجب المواطن الألماني تجاه وطنه ، واستخدمت تلك الأموال أيضا في مقاومة سيطرة اليهود على الأموال في ألمانيا مما زاد إقبال الألمان على التوفير ، واستعملت تلك الأموال أيضا في تمويل الحروب الألمانية واستولى هتلر على أموال اليهود وضمها لتلك المدخرات.

ويتوالى تشجيع الحكومة للادخار حتى بعد انتهاء فترات الحروب :
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تغير أسلوب الإعلانات لتتماشى مع الحياة الجديدة ، وتغيرت النبرة التي تحض الناس على الادخار وتحولت من أن الادخار واجب وطني إلى أن الادخار يفيد صاحبه ويزيد من ثروته ، ورغم انخفاض نسبة الفائدة خلال الأعوام الأخيرة لم يكف الألمان عن عادتهم واستمروا في توفير أموالهم ، حيث صرح أمين المتحف أن الشعب الألماني حافظ على عادة الادخار لمدة طويلة ، وأكمل رئيس المتحف كلامه قائلا أن الادخار في ألمانيا تحول من إلى أكثر من عادة وأنهم يفعلوا ذلك للحفاظ على تحضر بلادهم.

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى