أين يقع خط عرض 38 وما أهميته السياسية؟

أثناء دراسة الكرة الأرضية ، ستلاحظ خطوط العرض التي تلتف حول الأرض وتمتد شمال وجنوب خط الاستواء ، كما ستلاحظ أيضا خطوط الطول التي تمتد شرق وغرب خط الطول الرئيسي (خط جرينتش) ، وبالطبع هى جميعها خطوط افتراضية ، تستخدم لتحديد الأماكن والملاحة حول الكرة الأرضية ، في الواقع ، يحتوي المكان الذي تجلس فيه الآن على مجموعة من الإحداثيات التى تمثل خط الطول والعرض المحدد لموقعك ، إذا كنت تمتلك جهاز تحديد المواقع العالمي (GPS) أو هاتف ذكي مزود بشريحة GPS ، فستتمكن من معرفة موقعك بالتحديد و تخبر به الآخرين .
بالإضافة إلى خط الاستواء ، هناك خط آخر من خطوط العرض يعرف باسم: خط عرض 38 ، على وجه التحديد ، خط عرض 38 شمال الذي يعرفه الناس على أنه الحدود التقريبية بين جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية (المعروفة أكثر باسم كوريا الشمالية) وجمهورية كوريا (المعروفة باسم كوريا الجنوبية) ، ويفترض العديد أن خط عرض 38 شمال ، يفصل بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية كنتيجة للحرب الكورية ، لكن تلك الحدود في الواقع وجدت قبل الحرب الكورية ويعود تاريخها إلى نهاية الحرب العالمية الثانية.
فمع نهاية الحرب العالمية الثانية ، كان على الحلفاء أن يقرروا كيفية التعامل مع المستعمرات اليابانية والتي شملت كوريا ، وفي ذلك الوقت كانت كوريا كيان واحد يشغل شبه الجزيرة الكورية بأكملها ، ووصلت بالفعل قوات من الاتحاد السوفيتي إلى الجزء الشمالي من كوريا ، وبدأ التوترات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي التى تعرف بالحرب الباردة بين الدولتين .
و حين أدركت الولايات المتحدة أن الأمر سيستغرق بعض الوقت قبل أن تتمكن من إرسال قواتها إلى كوريا ، انتابها القلق إزاء احتمالية استغلال الاتحاد السوفييتي غيابها للسيطرة على كوريا بالكامل ، و من ثم التقى العقيدان الأمريكيان “تشارلز بون” و”دين راسك” في 10 أغسطس 1945 لوضع خطة لتقسيم كوريا إلى منطقتي احتلال ، وباستخدام خريطة ناشيونال جيوغرافيك ، لاحظا أن خط عرض 38 يقع فى منتصف كوريا تقريبا ، فاقترحا استخدامه كحدود ، لأنه سيجعل العاصمة “سيول” في النصف الجنوبي لتتحكم بها الولايات المتحدة ، ووافق السوفييت علي ذلك .
ولسوء الحظ ، لم يستمر السلام في شبه الجزيرة الكورية طويلا ، ففي 25 يونيو 1950 ، عبر أكثر من 75000 جندي كوري شمالي خط عرض 38 لغزو كوريا الجنوبية ، فأسرعت الولايات المتحدة إلى كوريا الجنوبية لتقديم العون ، وبدأت الحرب الكورية كأول عمل عسكري أثناء الحرب الباردة.
على الرغم من اندلاع العمل العسكري على طول خط العرض 38 ، إلا أن المعركة الفعلية كانت بين القوى الشيوعية من جهة (كوريا الشمالية المدعومة من الاتحاد السوفييتي والصين) والقوى الرأسمالية من جهة أخرى (كوريا الجنوبية المدعومة من الولايات المتحدة) ، ولم يتمكن أي من الطرفين من حسم المعركة وتراكمت الضحايا ، و حدث تغير طفيف نسبيا في المنطقة ، وفي نهاية المطاف ، وُقعت هدنة في يوليو 1953 والتى أنهت بدورها الحرب الكورية ، وقد كان مجمل الوفيات حوالي خمسة ملايين شخص في الحرب الكورية ، بما في ذلك العديد من المدنيين ، وتوافق خط وقف إطلاق النار تقريبا مع خط عرض 38 ، ولا تزال البلاد مقسمة على طول هذا الخط حتى اليوم.
تم إنشاء منطقة حزام أمني منزوعة السلاح على طول الحدود ، من خلال سحب القوات لمسافة كيلو مترين من كل جانب ، و تمتد المنطقة منزوعة السلاح حوالي 150 ميل عبر شبه الجزيرة ، وما زالت تلك أحد أكثر الحدود عدائية في العالم حتى اليوم.