عام

 هل لديك الجرأة لعبور جسر حبل؟

توفر وسائل المواصلات الحديثة والمتنوعة  شبكة نقل مريحة  تربط بين المسافات البعيدة بكل سهولة ، و غالبا ما نأخذها كأمر مسلم به ، فهل يمكنك تخيل العودة بالزمن للوراء ، إلى ما قبل اختراع السيارات والقطارات والطائرات ، هل ستفتقد كل ذلك ؟ ربما  ، و قد تفتقد أيضا إلى الجسور ، التي توجد حاليا في كل مكان ، وتمتد عبر الأنهار والبحيرات والجداول ، وتعبرالوديان العميقة ، كما توجد أيضا فوق الطرق السريعة لتسهيل عملية التنقل ، ومعظم هذه الجسور صلبة حيث تبنى باستخدام الأسمنت والصلب ، فلا نتردد قبل المشى أو القيادة فوقهم ، ولكن لم يكن هذا هو الحال دائما في الماضي.

بداية من الجسور البدائية التى صُنعت باستخدام جذوع الأشجار لعبور الجداول  ، حتى تطورت قليلا لتُصنع من المواد الطبيعية كالحبال المصنوعة من الأعشاب الطويلة ، ويتكون أبسط جسر حبل من حبلين فقط ممتدتين عبر واد أو مسطح مائى ؛ حبل للوقوف وحبل آخر للتمسك به ، و نظرا لصعوبة الانتقال به ، تم إضافة أجزاء آخرى من الحبال للربط بين الحبلين الأساسيين لمزيد من الاستقرار.

وقد تم استخدام جسور الحبل على نطاق واسع من قبل شعوب الإنكا القديمة ، والتى كانت تقطن جبال الأنديز الوعرة في أمريكا الجنوبية ، وكانت المنطقة مليئة بالوديان العميقة ، الأمر الذى دفع شعوب الأنكا لبناء جسور معلقة من الحبال المنسوجة من الألياف الطبيعية ، مثل وبر الحيوانات والحشائش والقطن ، ليتمكنوا من التنقل عبر تلك هذه الوديان ، وكما تتخيل فتلك الجسور تتأرجح ذهابا وإيابا ، وهذه قد تكون تجربة مخيفة للبعض ، ومع ذلك فقد نجحت تلك الجسور الحبلية مع شعوب الإنكا ، فلم يكن لديهم عربات بعجلات ، ولكن كان يتم عبور الجسور سيرا على الأقدام من قبل البشر والحيوانات ، وكان الجانب السلبي لاستخدام الألياف الطبيعية لعمل جسور الحبل هو تآكل هذه المواد القابلة للتحلل مع مرور الوقت ، مما تعين إعادة بنائها تقريبا كل عام ، وهذا يعني أن جسور الحبل التى صنعها شعوب الإنكا قد اختفت … باستثناء واحد.

جسر “Q’eswachaka” وهو جسر حبل يمتد عبر نهر” أبوريماك” بالقرب من مدينة ”  Huinchiri” في بيرو ، حيث يتجمع  كل عام تقريبا حوالى 1000 شخص من المجتمعات المجاورة لإعادة بناء الجسر فى طقوس خاصة ،  وذلك خلال الـ 600 عام الماضية ، و قد أدرج الجسر في قائمة اليونسكو للتراث العالمي ، و تنسج حبال الجسر من حشائش محلية ، حيث تبرم عدة خيوط منها بقوة شديدة لتشكل الحبل ، و يتحمل الجسر ما يقرب من 5000 رطل ويسير عليه البشر واللاما لعبور المضيق.

ورغم وجود جسر حديث يمتد على طول النهر على مقربة من جسر الحبل ، فمازال السكان المحلييين يحرصون كل يونيو على إعادة بناء الجسر ، كوسيلة للاستمرار على التواصل مع أسلافهم الذين عاشوا في المنطقة مع وجود حوالى أكثر من 200 جسر حبل مماثل نُسج من الحشائش.

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى