الاستمطار أو الأمطار الصناعية

تعانى العديد من الدول في جميع أنحاء العالم سنويا من مشكلة الجفاف ، حيث يسبب لهم مخاطر صحية حقيقية ، وتوفر عملية الاستمطار أو ما يعرف (بالمطر الاصطناعي) حل محتمل لتلك المشاكل ، ونظريا يمكن تنفيذ هذه العملية علي مستوى العالم ، وتتم عملية الاستمطار عن طريق نشر مواد كيميائية مثل الثلج الجاف الذى يعمل على تكوين غيوم محملة بالأمطار ، ومن ثم تشكيل قطرات جليدية تذوب و تتحول إلى قطرات ماء عند سقوطها ، يتم نثر تلك المواد من الأرض أو باستخدام طائرة وهى طريقة أكثر فاعلية ، وكما نعلم يبدأ المطر كسائل شبه متجمد ، ويتكون فى شكل بلورات جليدية في السحب العالية ، لذا فإن عملية الاستمطار ليست بغريبة ، حيث تعمل المواد الكيميائية كيوديد الفضة أو الثلج الجاف على تسريع وزيادة هذا التسلسل لتوليد المزيد من البلورات.
والسؤال هنا عن نجاح تلك العملية ، فقد نُفذت علي سحب تبدو عليها علامات سقوط أمطار محتملة ، فلا مجال للتأكد أن سقوط الأمطار تم بشكل طبيعى ودون تحفيز كيميائى أم لا !
إلا أن بعض الدول الجافة أقرت بنجاح عملية الاستمطار علي مدي واسع ، بما في ذلك أستراليا والإمارات العربية المتحدة ، حيث صرحت الأخيرة بنجاحها فى تشكيل 52 عاصفة في صحراء أبو ظبي ، وفي حال نجاح تلك العملية بالفعل ستعم الفائدة على تلك المناطق التي تعانى من قلة الأمطار ومخاطر الجفاف ، عن طريق استغلال المياة الموجودة بالهواء لتوليد بلورات جليدية و بالتالى خلق أمطار اصطناعية لإنقاذ هذه الدول من الجفاف ، حيث تكمن الفكرة العلمية لصنع الأمطار فى جذب الماء من الهواء واتحاده مع المواد الكيميائية لتشكيل البلورات سالفة الذكر.
وقد قام السيد “فينسنت شافير” صاحب فكرة الاستمطار ، بإجراء أول تجربة ناجحة لفكرته في عام 1946 ، حيث تمكن فينسنت من توليد الأمطار في المعمل ، بتمويل من شركة General Electric Co ، كما تمكن من خلق عاصفة ثلجية وكان لذلك الاعتقاد العلمي صدى واسع ، فقد قامت الولايات المتحدة خلال الستينات من القرن الماضى بتنفيذ مشروع يدعى “Stormfury” لمحاولة إضعاف قوة الأعاصير ، وقد نجح بالفعل المشروع فى إضعاف بعض الأعاصير ، إلا أن المشروع لم يكن بالقدر الكافى من الفاعلية وقت تنفيذه على مجموعة من أعاصير المحيط الأطلسي ، حيث أن الأعاصير نفسها لا تحتوي على مياه كافية كي تتحد بها المواد الكيميائية وتصبح ذات تأثير فعال ، ومع ذلك فقد كان أكثر الادعاءات إثارة للإعجاب في السنوات الأخيرة ، هو قيام الصين عام 2008 خلال دورة الألعاب الأولمبية في بكين باستخدام عملية الاستمطار بشكل عكسي ، لكي يتوقف تشكيل الأمطار وبالتالي خلق مناخ جاف خلال الحدث الرياضي!
ومهما كانت النتيجة و مدي صحة هذه الادعاءات ، فقد تم اختبار عملية الاستمطار وقد نجحت ، و رغم إثارة الشكوك حولها إلا إنها ستظل مبهرة و مثيرة للإعجاب إلى حد كبير ، وقد تُحدث التطبيقات العملية المحتملة لها ثورة كبيرة .