سيرة حياة روزا باركس

روزا بارك الناشطة الحقوقية السمراء التي رفضت ترك مقعدها في حافلة مونتجمري بولاية ألاباما لراكب أبيض ، وقد شجعت بذلك على عمل مقاطعة لحافلات مونتجمري استمرت لمدة 381 يوم بسبب قانون الفصل في المرافق العامة ، ولم يكن أمام مدينة مونتجمري سوى إلغاء هذا القانون العنصري ،وتلقت روزا خلال حياتها العديد من الجوائز .
اعتقال روزا بارك:
بعد يوم عمل طويل في أحد المتاجر بمونتجمري حيث كانت روزا تعمل كخياطة وبالتحديد في 1 ديسمبر 1955 صعدت روزا بارك إلى الحافلة المتجهة لكليفلاند أفينيو للعودة إلى منزلها .
جلست روزا في أحد مقاعد الصف الأول المخصص للركاب الملونين ، حيث كان قانون المدينة يشترط الفصل بين البيض والسود في جميع وسائل النقل العامة ويعتبر سائق الحافلة بمثابة رجل شرطة ويقوم بتنفيذ هذا القانون أثناء عمل الحافلة .
وكان السائقين يضعون لافتة كحدًا فاصلًا بين مقاعد الركاب البيض والركاب الملونين الذين كان يخصص لهم مقاعد في أخر الحافلة ، وكان عليهم الصعود من الأمام لدفع الأجرة للسائق ، ثم ينزلون ليصعدوا مرة أخرى من مؤخرة الحافلة .
صعدت روزا إلى الحافلة وركبت في المقاعد المخصصة للملونين ومع استمرار سير الحافلة بدأ الركاب البيض في ملء الحافلة ، فقام السائق بتغيير مكان اللافتة وطلب من ثلاثة ركاب ملونين آخرين بخلاف روزا أن يتركوا مقاعدهم للركاب البيض وقد امتثلوا للسائق ، ولكن روزا رفضت ذلك فاتصل السائق بالشرطة وتم إلقاء القبض عليها .
وذكرت روزا في وقت لاحق أنها رفضت تنفيذ الأمر ليس لأنها كانت متعبة جسديًا فحسب ، ولكن لأنها سئمت الاستسلام .
اعتقلت الشرطة روزا واتهمتها بانتهاك الفصل الحادي عشر من قانون مدينة مونتجمري ، وقد نُقلت إلى مقر الشرطة ، حيث تم إطلاق سراحها بكفالة في وقت لاحق من تلك الليلة.
مقاطعة حافلات مونتجمري :
في مساء يوم اعتقال روزا باركس قام إي دي . نيكسون رئيس الفرع المحلي للجمعية الوطنية للنهوض بالملونين NAACP بوضع خطة لتنظيم حملة مقاطعة لحافلات مونتجمري ، ونشروا إعلانات في الصحف المحلية ونشرات تم توزيعها باليد لمطالبة السود بعدم ركوب الحافلات يوم 5 ديسمبر 1955- يوم محاكمة روزا- وطالبوا الناس بالبقاء في منازلهم أو السير للعمل أو ركوب تاكسي لأن المقاطعة الطويلة للحافلات هي الحل .
وفي صباح يوم الخامس من ديسمبر اجتمع مجموعة من القادة الأفارقة في كنيسة Mt. Zion لمناقشة استيراتيجيات تطبيق المقاطعة وقاموا بتشكيل جمعية تحسين مونتجمري بحضور الوافد الجديد مارتن لوثر كنج الابن ، واعتقد أعضاء الجمعية أن قضية روزا بارك ستكون فرصة جيدة لإحداث تغيير حقيقي .
يوم المحاكمة اجتمع حوالي 500 فردمن الملونين المحليين أمام المحكمة وحين وصلت روزا مع محاميها “فريد جراي” قاموا بتشجيعها ، وبعد جلسة استماع مدتها 30 دقيقة وجدت روزا نفسها متهمة بانتهاك القانون وتم تغريمها مبلغ 10 دولارات ورسم محكمة قدرها 4 دولارات .
ولكن كان أكبر حدث في ذلك اليوم هو مقاطعة الملونين للحافلات لمدة 381 يوم كانت الحافلات خلالها فارغة ، فبعض الناس كانوا يركبون سياراتهم الخاصة بينما استقل الآخرون سيارات الأجرة التي كان يقودها السود ،أما معظمهم فقد كانوا يسيرون لمسافات تصل أحيانا إلى 20 ميلا .
شلت حركة الحافلات لعدة أشهر مما أدى لضعف عائدات الشركة بنسبة كبيرة ، وقام بعض البيض بأعمال انتقاميه مثل حرق كنائس السود وتدمير منازل نيكسون ومارتن لوثر كنج الابن ، كما تم اعتقال عشرات السود ، وردًا على ذلك قامت أعضاء المجتمع الأفريقي باتخاذ إجراءات قانونية ، حيث قام محامي روزا برفع دعوى ضد الولاية لإلغاء قوانين الفصل العنصري .
وفي يونيو 1956 أعلنت محاكمة المقاطعة أن قوانين الفصل العنصري غير دستورية ، وقد استأنفت مدينة مونتجمري على قرار المحكمة ، ولكن المحكمة أيدت الحكم الأولي في 13 نوفمبر 1956 .
ولم يكن أمام المدينة بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدتها سوى رفع تطبيق قانون الفصل العنصري ، وانتهت المقاطعة في 20 ديسمبر 1956.
حياة روزا المبكرة :
ولدت روزا باركس في في 4 فبراير 1913 في توسكيجي بألاباما ، وانتقلت إلى باين ليفل مع والدتها وهي في سن الثانية بعد انفصال والديها ليعيشا مع جديها لوالدتها.
التعليم :
درست روزا في المنزل تحت رعاية والدتها حتى سن الحادية عشر ثم التحقت بمدرسة للسود وكانت تتكون من غرفة واحدة وتفتقر إلى اللوازم الدراسية الأساسية مثل المناضد ، وقد أجبر الطلاب السود على السير لمدارسهم في حين كانت المدينة توفر حافلات لنقل الطلاب البيض .
استمرت روزا في التعليم في مدارس منفصلة للملونين حتى وصلت للمدرسة الصناعية للبنات ، وفي عام 1929 ، تركت المدرسة وهي في الصف الحادي عشر لرعاية والدتها وجدتها المريضة ، وقد حصلت على وظيفة في مصنع قمصان بمونتجمري .
التقت روزا بريموند باركس وتزوجا في عام 1932 وهي في سن 19 ، وكان حلاق وعضو نشط في الرابطة الوطنية للنهوض بالملونين ، وبدعم من ريموند حصلت روزا على شهادتها الثانوية في عام 1933.
وسرعان ما أصبحت تشارك بنشاط في قضايا الحقوق المدنية من خلال الانضمام إلى NAACP فرع مونتجمري ، وفي عام 1943 عملت كقائد شبابي وكذلك سكرتيرة نيكسون رئيس NAACP E.D وقد احتفظت بهذه الوظيفة حتى عام 1957.
حياتها بعد المقاطعة :
على الرغم من أن روزا أصبحت رمز لحركة الحقوق المدنية إلا أنها عانت بشدة في الأشهر التي أعقبت اعتقالها ، حيث تم طردها هي وزوجها من أعمالهم بسبب مشاركتهم في حركة الحقوق المدنية ، وأصبحوا غير قادرين على الحصول على عمل في المدينة ، وفي النهاية غادرا مونتجمري ، وانتقلا إلى ديترويت بولاية ميتشجان وهناك عملت كسكرتيرة وموظفة استقبال في مكتب عضو الكونجرس جون كونير.
وفي عام 1987 أسست مع صديقة طفولتها إيلين إيسون ستيل معهد روزا وريموند باركس للتنمية الذاتية ، والتي كانت تنظم رحلات للشباب لتوعيتهم بأهم حقوقهم المدنية .
مذكراتها :
نشرت روزا بارك مذكراتها في عام 1992 تحت عنوان “قصتي” ، كما نشرت كتاب أخر عن حياتها بعنوان “قوة هادئة ” والذي ركزت فيه على الدور الذي لعبه الإيمان الديني في حياتها .
وفاتها :
توفت روزا باركس في 24 أكتوبر 2005 بهدوء في شقتها بديترويت ، عن عمر يناهز الـ 92 ، بعد أن عانت من الخرف التدريجي منذ عام 2002 .