كيف حصلت قارة أمريكا على اسمها ؟!

مدينة سينت ديه دي فوج ، مدينة صغيرة تقع في شمال شرق فرنسا على بعد 68 كلم جنوب غرب ستراسبورغ ، و93 كيلومتر شمال غرب بازل السويسرية ، واليوم بفضل التقنيات الحديثة أصبح بإمكاننا معرفة مكانها على الخريطة بالتحديد ، أما في الماضي فكانت مكانًا مجهول ، ولكنها بالرغم من ذلك مسئولة عن إعطاء قارة أمريكا بأكملها اسمها .
قديمًا كان الأوربيون يعتقدون أن العالم يتكون من ثلاثة قارات فقط وهي أوروبا وآسيا وأفريقيا ، والقدس في قلب العالم ، وهذا هو السبب في أن المستكشف كريستوفر كولومبوس قد مات وهو يعتقد أنه وصل لجزء جديد من قارة آسيا .
ولكن الخريطة التي تم رسمها وظهرت فيها القارة الرابعة عبارة عن خط رفيع وطويل ومحاط بالماء ، وتم وضع اسم أمريكا عليها تم رسمها في مدينة سينت ديه دي فوج ، وهذه الخريطة تعتبر علامة مميزة في عالم الخرائط ويطلق عليها اسم Waldseemüller ، وقد اشترك في رسمها عالم الإنسانيات الألماني مارتن فالدسيمولر مع مجموعة من الباحثين .
وقد تم رسم الخريطة بطلب من والتر لود كاهن كنيسة سانت ديه دي فوج ، لأنه كان مهتم بعلم الكونيات ودراسة الأرض وكان يريد أن يرسم صورة للأرض تجمع بين المعارف القديمة والتقارير الحديثة القادمة من الرحلات الاستكشافية .
وقد حصل والتر لود على تمويل من رينيه الثاني دوق لورين لتأسيس مطبعة ، وقام بإرسال رحلات استكشافية لجمع المعلومات وكان موقع المدينة مفيد في هذا الأمر ، وكان الألماني فالدسيمولر هو وفريقه يقوموا برسم الخريطة بناءًا على المعلومات التي ترسلها البعثات .
وفي النهاية تم عمل خريطة للأرض تمت طباعتها في 12 ورقة منفصلة ، وتم عمل نسخة أصغر من الخريطة ليتم لصقها على كرة – وهذا يظهر أن الأوربيون في العصور الوسطى كانوا يدركون كروية الأرض على عكس الاعتقاد الشائع .
ومع الخريطة تم طباعة كتاب يشرح تفاصيلها ، ويشير ذلك الكتاب إلى سبب وضع اسم أمريكا على القارة الجديدة ، والسبب هو أنهم وضعوا اسم المستكشف الإيطالي أمريكو فيسبوتشي والذي ادعى أنه وصل إل قارة أمريكا قبل كريستوفر كولومبوس ، ولكن ذلك الأمر مازال محل جدل .
وكانت عادة الأوربيون قديمًا أن يطلقوا أسماء مؤنثة على القارات ، فأفريقيا وآسيا وأوروبا هي أسماء مؤنثة ، ولذلك قاموا بتأنيث اسم أمريكو ، ووضعوا في الخريطة اسم أمريكا على العالم الجديد .
وقد تمت طباعة 1000 نسخة من خريطة Waldseemüller في عام 1507 ، ولكن سرعان ما اختفت كل النسخ على عكس الكتاب الذي تم حفظه في المكتبات ، وقد حاول عشاق الخرائط البحث عن تلك الخريطة لعدة قرون إلى أن تم اكتشاف نسخة واحدة متبقية في عام 1901 بواسطة الأب جوزيف فيشر الأستاذ في التاريخ والجغرافيا في قلعة فولفج بألمانيا ، ويشار إلى تلك الخريطة أحيانًا باسم “شهادة ميلاد أمريكا” وقد اشترتها مكتبة الكونغرس الأمريكية في عام 2003 مقابل مبلغ مذهل يبلغ 10 ملايين دولار .