إعدام أسرة قيصر روسيا

يصادف يوم 16 من يوليو 2018 الذكرى المئوية لإعدام العائلة الحاكمة الروسية على يد البلاشفة وهي أحد الأحداث المروعة في تاريخ القرن العشرين .
تم قتل القيصر نيقولا الثاني وزوجته السيدة تسارينا ألكسندرا وأطفالهما الخمسة ، إلى جانب ثلاثة من الخدم وطبيب الأسرة الدكتور يفغيني بوتكين بدم بارد في يكاترينبورغ في ليلة 16 يوليو 1918.
كانت أسرة رومانوف قد اعتقلت منذ قيام ثورة فبراير في سانت بطرسبورغ ، بعد أن أجبر القيصر على التنازل عن العرش في 15 مارس بعد أن فقد السيطرة على الانتفاضة الشعبية العنيفة التي حارب فيها الشعب ومثيري الشغب والمخربون الشرطة والقوات الموالية للقيصر ، ولكن المد تحول بشكل سريع بعد أن انضم أعضاء الجيش الروسي للتمرد .
تبع ذلك حالة من الفوضى وتم تنصيب حكومة مؤقتة للجمهورية تحت قيادة ألكسندر كيرينسكي ، وتم احتجاز العائلة المالكة بعد أن تم سحب طلب اللجوء من بريطانيا بناء على نصيحة الملك جورج الخامس.
في البداية تم سجنهم في قصر ألكسندر في تسارسكو سيلو ، ثم في توبولسك في تيومين-أوبلاست ، قبل نقلهم أخيراً إلى يكاترينبورغ بالقطار في 30 أبريل 1918.
أصيب أليكسي رومانوف البالغ من العمر 13 عامًا بنزيف دموي ناجم عن مرض الهيموفليا الذي كان مرض وراثي في العائلة ، ولذلك تخلف عن الانضمام لوالديه ، وتم نقله بعد ثلاثة أسابيع مع شقيقاته أولغا وتاتيانا وأناستازيا اللذين تعرضوا لاعتداء جنسي من الحراس أثناء نقلهم .
وفي يكاترينبورغ ، تم احتجاز الأسرة داخل قصر محصن بنوافذ بيضاء في وسط المدينة ، كان في السابق ملك لمهندس عسكري محلي يدعى نيكولاي نيكولاييفيتش إيباتيف ، ولكن مسئولي الاتحاد السوفيتي الجدد استولوا على المنزل وأمروا صاحبه بإخلائه وأطلقوا على المنزل اسم “بيت الأغراض الخاصة” ، وتم استخدامه كسجن للعائلة الإمبراطورية طوال ال 78 يوم الأخيرة في حياتهم .
وخلال تلك الفترة حاولت العائلة التكيف مع ظروف اعتقالهم ، حيث انخرط القيصر في القراءة أما الدوقة ماريا فقد تصادقت مع الحراس لدرء الملل وقد تورطت عاطفيًا مع أحد الحراس ويدعى ايفان سكوروخودوف ، وتأمرت معه على طريقة لهروب العائلة .
وقام سكوروخودوف بتهريب كعكة إلى ماريا في عيد ميلادها الـ19 ، ولكن عندما علم رئيسة أبعده من الخدمة وأمر بتشديد الحراسة على العائلة .
وسمح لهم بالخروج للحديقة وممارسة التمارين الرياضية ولكنهم أحاطوا المنزل بسور خشبي عالِ حتى يحجبوهم عن الأنظار .
وبدا أن مصير عائلة رومانوف لم يقرر بعد حتى شهر يوليو ، عندما بدأ الجيش الأبيض – الذي مازال موالً للقيصر – بالانتقال إلى ايكاترينبرج وبدا واضحًا أنه يسعى لتحرير القيصر ، فلم يستطيع البلاشفة تحمل سقوط القيصر في أيدي الجيش الأبيض لأنهم خافوا أن يلتف أنصاره حوله مجددًا أو تتدخل دول أجنبية لمساعدته .
سافر قائد الحرس إلى موسكو وطلب الإذن بقتل الأسرة ويقال أنه حصل على الموافقة من لينين نفسه على الرغم من عدم وجود أي أمر كتابي لتأكيد ذلك ، وقيل أن لينين قال ” إن الثورات لا معنى لها بدون إطلاق النار” .
وفي ليلة الإعدام دخل الحراس لغرفة القيصر الذي كان يقرأ وطلبوا منه إيقاظ باقي العائلة وارتداء ملابس مناسبة للذهاب في رحلة طويلة ، وفي الشارع بدأت شاحنات بتشغيل محركاتها بهدف إخفاء أصوات الصراخ ، وكانت مجهزة أيضًا لنقل الجثث .
وبعد أن تم جمع الأسرة في القبو ، قرأ القائد ياكوف يوروفسكي أمر الإعدام بصوت عالِ على الأسرة ، وكان أليكسي مريضًا جدًا ولم يقدر على الوقوف فجلس على كرسي .
بدأ إطلاق النار على الأسرة بشكل متقطع وبعض الرصاصات قد ارتدت بسبب ارتداء الأطفال للمجوهرات الماسية تحت ملابسهم خوفًا عليها من السرقة ، وكان أفراد فرقة الإعدام قليلو اخبرة لذلك أصيب بعضهم أثناء إطلاق النار .
وحتى قائد فرقة الإعدام كان مخمورًا ولم ينجح إلا في إصابة قدم ماريا أثناء هروبها نحو الباب ، وتم سماع أصوات صرخات الأسرة عبر الشارع برغم صوت الشاحنة ، واستمر الضرب لمدة 20 دقيقة .
توفى القيصر على الفور ولكن العديد من أفراد الأسرة ظلوا يتلوون في دمائهم ، وعندما نقلت الجثث كان اثنان من الفتيات مازالتا تتنفسان ، وهذا هو سبب ظهور أسطورة انستازيا .
وفي الواقع كان الناجي الوحيد من المجزرة هو كلب أليكسي ، وكان التخلص من الجثث مأساوي أيضًا حيث تعطلت الشاحنة التي تنقلهم في طريقها إلى غابة مجاورة ، ولم يحضر الحراس معهم سوى مجرفة واحدة لذلك تم صرف معظم الحرس ماعدا 5 أفراد وقاموا بتجريد الجثث من ملابسها ونهب المجوهرات ، وتم دفنهم في أحد المناجم ولكنه كان ضحل ، وبعد أن عاد الحرس إلى ايكاترينبرج ، تقرر إعادة دفن الجثث في منجم أعمق ، وأثناء نقلهم علقت الشاحنة في الوحل .
فحفر الرجال قبرًا جماعيًا وألقوا فيه الجثث وصبوا عليها الحمض وحطموا عظامهم بأعقاب البنادق وأخفوا القبر وعادوا للمدينة .
تم اكتشاف رفات الأسرة في عام 1979 ، وأقيمت لهم مراسم دفن ودفنوا في مقابر الأسرة عام 1998 باستثناء ماريا وألكسي تم اكتشاف جثثهم في بقعة أخرى عام 2007 .