تاريخ الجدران الرومانية القديمة في خيساريا

تشتهر المدينة القديمة فى خيساريا بوجود ما يقرب من 24 ينبوع معدني ، وتقع خيساريا على مشارف سلسلة جبال سريندا جورا ، على بعد حوالى 40 كيلومتر شمال مدينة بلوفديف ، في وسط دولة بلغاريا ، وكانت هذه الأعجوبة الصغيرة من الطبيعة تجتذب الزوار منذ عصور ما قبل التاريخ ، حيث يعود تاريخ استيطان هذه المنطقة إلى القرن الرابع قبل الميلاد على الأقل ، وقد جاء الرومان إلى هذا المكان عام 46 ميلادية بسبب وجود تلك المياه الشافية بينابيع خيساريا وبسبب المناخ اللطيف فى المنطقة ، وأطاح الرومان بالتراقيين وأصبحت خيساريا بلدة رومانية.
لم يحدث الكثير خلال المائتين وخمسين عام التالية ، حتى قرر الإمبراطور دقلديانوس ترقية خيساريا لتصبح مدينة رومانية ، وأطلق عليها اسم ديوكليتيانوبوليس ، وبدأت على الفور أعمال البناء في جميع أنحاء خيساريا كمحاولة من البلدة الصغيرة للتكيف مع الدور المرموق ، فتم تشييد عدة مباني وحمامات ، و تمهيد بعض الطرق ، وكان أبرز الإنشاءات هي الجدران الحصينة الضخمة حول المدينة.
ويبلغ الطول الإجمالي لهذه الجدران 2.3 كم ، وتحيط بالمدينة القديمة حيث توجد معظم المباني الرومانية بالكامل ، وبصرف النظر عن وجود صدوع في بعض الأماكن بها ، فإن الجدران تكاد تكون سليمة تمامًا ، وهي واحدة من أفضل جدران القلاع المتبقية من الفترة المتأخرة للعصور القديمة في منطقة البلقان وأوروبا.
ويبلغ ارتفاع الجدران 11 متر ، ويزيد ارتفاعها عند البوابات الجنوبية ليصل إلى 13 متر ، وكان للمدينة أربعة بوابات مثيرة للإعجاب ، وتُدعى البوابة الجنوبية “الجمال” لأنه حين انكسر قوس البوابة في المنتصف خلف شكل يشبه جملين ينظران إلى بعضهما البعض ، وذلك قبل أن يتم إصلاحه جزئيًا في القرن العشرين.
تظهر الآثار الرومانية في كل مكان بالمدينة ، حيث يمكن رؤيتها فى المباني العامة ، والمسرح الصغير ، وثكنات الحامية الرومانية ، وفى أساسات اثنين من أقدم الكنائس في بلغاريا ، وكذلك جدران الحصن الروماني في بلغاريا.
ازدهرت خيساريا تحت الحكم الرومانى فى أوائل القرن الرابع ، ومع ظهور المسيحية أصبحت مركز هام لهذه الديانة ، وبحلول القرن الخامس ؛ أصبحت ثالث أكبر مدينة في المقاطعة بعد بلوفديف وستارا زاجورا ، وبعد سقوط الإمبراطورية الرومانية ، تراجعت المدينة المزدهرة وتحولت إلى قرية صغيرة مع عدد قليل من المنازل المأهولة ، وحصلت خيساريا على اسمها الحالي باللغة التركية والذى يعني “القلعة” أثناء سيطرة الحكم التركي (الحكم العثماني آنذاك) .
وبعد تحرير بلغاريا في عام 1878 ، أصبحت خيساريا مدينة مزدهرة مرة أخرى عندما أعيد اكتشاف الينابيع المعدنية وأصبح المكان بقعة ترفيهية شعبية ، وتعد حاليا واحدة من أشهر مدن المنتجعات في بلغاريا.