دكتور جوزيف بيل : الرجل الذي ألهم شخصية شيرلوك هولمز

تعد شخصية شيرلوك هولمز واحدة من أكثر الشخصيات الخيالية شهرة في كل العصور ، فقد تفوق المحقق اللامع علي العالم بذكائه الحاد ورؤيته المذهلة لدواخل النفس البشرية ، كما أذهلتنا شخصيته المميزة مع العدسة المكبره و قدراته الخارقة على مر السنين ، واحتل مكانه فى الثقافات الشعبية من خلال ظهوره في الكتب والقصص المصورة والمسرحيات والأفلام والبرامج التلفزيونية .
ولكن هل تعتقد أن شخصية المخبر الأكثر شهرة قد ولدت من مجرد جزء من الخيال ؟ كلا ، فقد حظي مؤلف الشخصية ، آرثر كونان دويل ، بإلهامًا قويًا في الحياة الواقعية ، وكان هذا الملهم هو الدكتور جوزيف بيل ، وهو طبيب ومحاضر في كلية الطب بجامعة إدنبره ، ففي عام 1877 كان دويل طالبًا في الجامعة ، وقد فتن على الفور بمحاضرات الدكتور بيل ، حيث كانت دروس الأستاذ الشهير رائعة وآسرة ، وتعلق بها دويل تماما .
كان الدكتور بيل معروفًا بقدراته الاستنتاجية الخارقة وقوة الملاحظة ، فقد كان بإمكانه معرفة مهنة شخص غريب أو ما فعله مؤخرًا فقط من خلال النظر إليه من مسافة بعيدة أثناء التشخيص ، ويستطيع التعرف على الرجل العسكري من طريقة سيره أو التعرف على العامل من حالة يديه ، وكان بإمكانه دراسة لغة الجسد والمظاهر والعادات في لمح البصر ، وإعطاء أراء وحقائق صحيحة ، وترك المشاهدين في حالة ذهول وصدمة .
لم يخطئ الدكتور بيل تقريبا ، كما لو كان هناك نوع من السحر ، ولكن كان كل شيء حقيقي جدًا ، ففي الواقع كان اهتمام الدكتور بيل بالتفاصيل مذهلاً ، وكانت تلك هي حيلته ، فعيناه تلاحظ كل صغيرة ، لطالما قال لطلابه أن الملاحظة الحادة تلعب دورًا أساسيًا في التشخيص الصحيح .
ثم جاءت الفرصة الذهبية لدويل لملاحظة أستاذ الملاحظة بشكل مباشر ، اختار الدكتور بيل بنفسه دويل كأحد كتبته ، وتحقق حلم دويل بمساعدة مثله الأعلي ، حيث تمكن دويل من مراقبة مرشده المبدع عن كثب مع المرضى ، وقد استفاد كثيرا من ذلك .
أمضى دويل سنوات عديدة تحت إرشاد الدكتور بيل ، وفي غضون ذلك ، كانت شخصية شرلوك هولمز تختمر في ذهنه ، فجمع دويل المزيد من الأفكار حول كيفية بناء الشخصية الطموحة – الرجل الذي يستطيع حل أي لغز ، فكل قضية حلها الدكتور بيل منحت دويل فكرة جديدة .
وهذا ما أكده علنا ، فقد قال ذات مرة في مقابلة ، وكما هو مذكور في سيرتة الذاتية “شيرلوك هولمز هو التجسيد الأدبي ، إذا جاز لي التعبير عنه ، من ذكرياتي عن أستاذ الطب في جامعة أدنبرة” ، وقد اعترف بالحقيقة أيضا للدكتور بيل فكتب له ذات مرة “من المؤكد أني أدين لشارلوك هولمز قوة الاستنباط والاستدلال والملاحظة التي قمت أنت بغرسها ” ، ثم كتب الدكتور بيل إلى دويل “أنت نفسك شيرلوك هولمز وأنت تعرف ذلك جيدا” ، فكان لهذين العبقريين كما يبدو حالة تفاهم متبادلة خاصة بهما .