حقيقة الأشجار المتحركة

نشرت مقالة مؤخرًا على موقع BBC تشير إلى شجرة نخيل معينة يُزعم أن لها قدرة فريدة من نوعها لا توجد بأي نبات ، وهي القدرة على المشي ، وهذه النخلة هي “سوكراتيا إكسوريزا” ، وتلقب بالشجرة المتحركة ، نبعت الفكرة نتيجة عدم تمكن العلماء من تفسير شكل الجذور الغريبة للشجرة ، حيث تنمو جذور هذه الأشجار- الموجودة في الغابات الاستوائية المطيرة في أمريكا الوسطى والجنوبية – طويلة وقوية خارج قاعدة الشجرة وعلى ارتفاع عدة أقدام من الأرض ، وتتجذر في التربة المحيطة بها ، فتأخذ شكل أرجل متعددة ، ولم يمض وقت طويل قبل أن يبدأ الناس في الاعتقاد بأن هذه الجذور تعمل مثل الساقين وتمكِّن الشجرة من المشي فعليًا في الغابة .
محتويات
كيف ظهر هذا الاعتقاد ؟
وقد اعتاد مرشدوا الغابات المطيرة رواية قصة شجرة النخيل التي تسير على أرجل للسياح لسنوات ، وظهرت القصة في العديد من المصادر المطبوعة وعلى شبكة الإنترنت ، وقيل فيها أن الشجرة تمشي من الظل إلى ضوء الشمس من خلال إنماء جذور في الاتجاه الذي تريد أن تسلكه ، ثم ترفع الجذور القديمة بالتدريج في الهواء لتموت ، مما يسمح للشجرة بالتحرك نحو الجانب الذي تنمو فيه الجذور الجديدة ، ويقال إن العملية تستغرق بضع سنوات ، في حين أشار أحد علماء الأحياء أن الشجرة تتحرك حوالي اثنين أو ثلاثة سنتيمترات في اليوم .
إنها قصة رائعة يميل الكثيرون إلى تصديقها ، وللأسف فإن الشجرة المتحركة هي مجرد أسطورة ، وقد تم الإشارة إلي فكرة الشجرة المتحركة لأول مرة من قبل جون بودلي في عام 1980 ، وقد اعتقد أن هذه القدرة تتيح للنخلة الابتعاد عن موقع الإنبات إذا وقعت شجرة أخرى على الشتلات ، وبهذه الطريقة يمكن للشجرة أن تتجنب العقبات التي تشكل خطرًا كبيرًا على الشتلات الصغيرة .
دراسة تنفي هذه الخرافة
وقد نشر عالم الأحياء جيراردو أفالوس ، مدير مركز دراسات التنمية المستدامة في أتيناس بكوستاريكا وأحد أكبر الخبراء في العالم ، دراسة مفصلة عن النخيل وجذوره عام 2005 ، حيث لاحظ أن أشجار “سوكراتيا إكسوريزا” لا تستطيع المشي لأن جذورها لا تتحرك ، وقد تموت بعض الجذور على جانب أو آخر ، ولكن يظل الجذع نفسه متأصلًا في نفس البقعة ، وصرح أفالوس أن الاعتقاد بقدرة النخلة على المشي في الغابة لتتبع الضوء هو مجرد خرافة ، يجدها المرشدين السياحيين مسلية لزوار الغابة المطيرة .
ولا يزال الباحثون غير متأكدين من وظيفة هذه الجذور الفريدة ، حيث يرى البعض أن هذه الجذور المتعددة تتيح للشجرة مزيد من الاستقرار في مناطق المستنقعات ، أو المساعدة في تجنب الحطام في الأرض عن طريق تحريك جذورها ، وقد اقترح أن الجذور تسمح للنخيل بالنمو عاليا للوصول إلى الضوء دون الحاجة إلى زيادة قطر الجذع ، وبالتالي تكون كتلة أقل في الجذور الجوفية مقارنًة بأشجار النخيل الأخرى ، وبالطبع لم يتم تأكيد أي من هذه النظريات ، والأهم من ذلك لم يسبق لأحد رؤية هذه الأشجار تمشي .