الشخصية الحقيقية لفيلم “الفتى الأبيض ريك” الذي كشف أكبر فضيحة فساد في ديترويت

كان ريتشارد وريش جونيور صاحب شخصية فيلم “الفتى الأبيض ريك” في الرابعة عشر من عمره حين جنده رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي كمخبر .
محتويات
القبض على وريش
تم القبض على ريتشارد وريش جونيور من منزله في عام 1988 ، وكان معه 17 رطل من الكاوكايين ، وكان عمره وقتها 17 عام ، وقام الصحفيين ورجال الشرطة بنعت الصبي ذو الوجه البريء بأنه زعيم عصابات المخدرات ، وتصدرت أخباره عناوين الصحف ، وادعى رجال الشرطة أن وريش عرابًا خطيرًا لتجارة المخدرات ومعروف في وسط معاونيه باسم “الفتى الأبيض ريك ” .
أثناء مثوله أمام المحكمة قال وريش للقاضي ” لقد اعترفت على الأشخاص الخطأ ” ، وذلك لأنه كان يعمل كمخبر لمكتب التحقيقات الفيدرالية وهو في سن الرابعة عشر ، وقد دربه رجال المكتب وزرعوه وسط إحدى عصابات تجارة المخدرات الأكثر خطورة في المدينة .
ولكن وريش عندما كشف عن تورط شخصيات من رجال الشرطة في قضايا فساد ، قام الرجال الذين جندوه بالتخلي عنه وإنكار أنهم جندوه ، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة .
كيف أصبح وريش مخبرًا
قال ريتشارد وريش للنائب العام ” لقد وصلت إلى تلك الحياة عن طريق سلطات إنفاذ القانون ، وهم من علموني ذلك ثم تركوني وحدي حتى حصلت على السجن مدى الحياة ” .
وكانت سلطات إنفاذ القانون التي يقصدها وريش هم عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي الذين وصلوا إلى منزله عام 1984 ، وكان يقصدون والده في البداية .
وفي الحقييقة لم يكن والد وريش رجلًا صالح بالكامل ويسير في إطار القانون ، ولكنه عاش وكان يربي ابنه وابنته في أحد أحياء ديترويت الفقيرة وسط مدمني المخدرات وأفراد العصابات ، وكان يكسب رزقه من بيع بعض الأسلحة .
وعندما ذهب إليه رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي لم يكن هدفهم هو إرساله للسجن ، ولكنهم أرادوا أن يعرضوا عليه بعض الصور وأرادوا أن يحصلوا عن معلومات عن أصحابها ، ولكن وريش الأب لم يكن لديه أي إجابات ، أم الابن البالغ من العمر 14 عامًا فقد كان يعرف كل شخص في الصور .
وفي ذلك الوقت لم يكن الفتى الصغير يتاجر في المخدرات أو يعمل مع أحد العصابات ، ولكنه كان قد بدأ بالفعل في نهب بعض المنازل من أجل الحصول على المال ، ولكنه لم يلمس الكوكايين في حياته ، ولكنه أيضًا كان على دراية بكل ما يدور حوله في الشارع ، وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي على استعداد لدفع أي مبالغ مقابل المعلومات التي لديه .
وبالنسبة لوالد وريش كانت تلك فرصة كبيرة للحصول على المال ، وبالنسبة للابن البالغ من العمر كانت مغامرة ، فأي طفل يريد أن يكون شرطيًا وهو بعمر ال14 ، وهكذا أصبح ريتشارد وريش الابن مخبر .
وكان الفتى بالفعل جيد في مهمته ، وذهب أبعد مما طلبه منه رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي ، فالتحق بعصابة كاري ، وهي أبرز عصابة لتوزيع المخدرات في ديترويت ، وتعاون مع مجرمين خطرين للحصول على المعلومات .
وقام رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي بتدريبه على توزيع المخدرات في الشارع ، وحتى أنهم أعطوه المال لشراء الكوكايين ، ووفقًا لجون أنتوني موظف مكتب التحقيقات فإن وريش كان المخبر الأكثر إنتاجية في مكتب التحقيقات الفيدرالي في ديترويت .
ولأن تعريض حياة طفل للخطر كان ضد بروتوكول مكتب التحقيقات الفيدرالي ، فقد قاموا بتغطية أعمالهم في الورق وسجلوا كل تعاملات الصبي باسم والده .
فساد شرطة ديترويت
بدأ وريش يرى فساد شرطة ديترويت عندما تعرض فتى يبلغ من العمر 13 عامًا إلى القتل على يد عصابة كاري ، وقام المفتش جيلبيرت هيل رئيس قسم جرائم القتل بإبعاد التحقيقات عن جوني كاري رئيس العصابة .
وعرف الفتى الأبيض أن جوني كاري على اتصال مع عمدة ديترويت كولمان يونج ، وكان يواعد ابنة أخيه ، وأنه أعطى للمحقق جيلبيرت هيل مبلغ 10 آلاف دولار كرشوة .
وقد ساعدت تلك المعلومات في الكشف عن أكبر قضية فساد في ديترويت وفي تاريخ الشرطة الأمريكية ، حيث تورط أكثر من اثني عشر من ضباط الشرطة مع تجار المخدرات .
وبالرغم من ذلك فإن العمدة والمفتش هيل ظلًا أحرار ، وقد صرح أحد وكلاء مكتب التحقيقات الفيدرالي فيما بعد بأنهم أمروا بشكل سري بترك العمدة ، لأنهم لم يريدوا أن تحدث فضيحة أخرى مثل فضيحة ماريون باري ، وهو مسئول حكومي تم القبض عليه كان يتعامل مع العصابات .
أصبح مكتب التحقيقات الفيدرالي على علم بالفساد الذي يحدث ، ولكنهم خافوا من اتخاذ أي إجراء حتى لا يظهر للرأي العام أنهم يجندوا أطفال صغار ، ولذلك تخلوا عن مخبرهم ، ووجد ووريش نفسه مجبر على التنقل في الشوارع وتغطية نفقاته دون أي حماية من مكتب التحقيقات الفيدرالي ، وقد تم وضع سعر مقابل رأسه ولكنه لم يكن يعرف ذلك .
فقد صرح نيت بون كرافت ، وهو قاتل محترف بعد عدة سنوات ، أن المفتش جيل هيل عرض عليه ثروة صغيرة لقتل الصبي المراهق الذي كان يعرف الكثير عنه ، وقد تلقى وريش بالفعل رصاصة في بطنه من أحد أعضاء عصابة كاري ، وقد زعم هذا الشخص أنه كان حادث ، ولكن وريش كانت لديه شكوك كثيرة ، وكان بحاجة للمال ، فاضطر إلى بيع الكوكايين .
الاندماج في عالم الجريمة
وبالفعل بدأ وريش يندمج في عالم تجارة المخدرات حتى أن كل فرد في ذلك العالم أصبح يعرف “الفتي الأبيض ريك” ، وتم إرسال جوني كاري إلى السجن ، وحل وريش محله ، حتى أن مكتب التحقيقات الفيدرالي صرح فيما بعد : ” لقد أحضرنا الفتي إلى عالم المخدرات ، حتى أصبح تاجر مخدرات ، ونحن مندهشون من ذلك ” .
تم إلقاء القبض على ريك وريش وهو في الـ17 من عمره ، وتم الزج به في السجن ، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة ، وقد حاول والده أن يطلب مساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالي ولكنهم رفضوا أن يساعدوه .
ظهور الحقيقة
بعد مرور 30 عامًا على حبس ريتشارد وريش جونيور وبالتحديد في عام 2014 ، قرأ أحد الصحفيين قصته ، فقرر البحث وتابع مكتب التحقيقات الفيدرالي واكتشف أن الفتى ريك كان يقول الحقيقة ، وللمرة الأولى بعد 30 عامًا تصدر الفتى الأبيض ريك عناوين الصحف ، ولكن هذه المرة تم نشر القصة الحقيقية .
وفي 14 يوليو 2017 حصل على إطلاق سراح مشروط ، قبل أيام قليلة من عيد مولده الثامن والأربعين ، واهتمت هوليود بإنتاج فيلم عن حياة ريتشارد وريش ، كما تم تصوير فيلم وثائقي عن حياته .