عام

أشهر عملية إنقاذ لرجل عالق في كهف في الولايات المتحدة

لقد تابع العالم بشغف إنقاذ 12 طفل في تايلاند كانوا عالقين داخل كهف ، وهذه العملية تعيد إلى الأذهان عملية مشابة حدثت في ولاية كنتاكي قبل أكثر من تسعين عام وبالتحديد عام 1925 عندما كانت أنظار سكان الولايات المتحدة متجهة نحو كهف في كنتاكي على بعد حوالي 125 قدم من المدخل وعلى عمق 55 قدم تحت الأرض .

بداية القصة

في صباح يوم الجمعة 30 يناير عام 1925 بينما كانت الرياح الباردة تملأ ولاية كنتاكي ، قام مزارع ومستكشف يبلغ من العمر 37 عامًا يدعى فلويد كويد بحبس قدمه تحت صخرة يبلغ وزنها 160 رطلًا في داخل كهف اكتشفه على بعد عدة أميال من منزله .

لم يكن فلويد ذاهب إلى الكهف بحثًا عن المغامرة ولكنه كان يأمل في حياة جديدة ، ففي ذلك الوقت كان كهف ماموث الشهير في كنتاكي يجذب آلاف السياح ويجلب معهم الكثير من الأموال لولاية كنتاكي ، وكان فلويد يأمل في اكتشاف كهف جديد مثل كهف ماموث .

وبالفعل قبل ذلك التاريخ بثمان سنوات اكتشف فلويد واحد من أجمل الكهوف في كنتاكي وأطلق عليه اسم كهف الكريستال ، بسبب الأزهار التي كانت موجودة بداخله وتلمع مثل الكريستال عندما سقط ضوء مصباحه عليها ، ولكن هذا الكهف كان بعيدًا جدًا عن معظم السياح .

ولكن فلويد لم ييأس ، وقد اعتقد أن اكتشافه التالي والذي أسماه كهف ساند قد يصبح كهف ماموث جديد ، لأنه قد يؤدي إلى أحد روافد النهر ، وإذا حدث ذلك فعلًا فإن السياح سوف تتوافد عليه  ويحقق الشهرة والثروة التي يحلم بهما .

السقوط في الكهف

في هذا الصباح نزل فلويد إلى الكهف وبعد أن وصل على بعد 120 قدم من المدخل وعلى عمق 55 قدم تحت الأرض سقط منه مصباح الزيت الذي كان يحمله ، وانغمس في الظلام الدامس ، فتباطأ فلويد واتجه نحو مخرج الكهف ، ولكن فجأة سقطت صخرة كانت متدلية من جدار الكهف وعلق كاحل فلويد الأيسر في شق ضيق ، وكلما كافح للخروج كلما احتجزت قدمه أكثر .

وكان فلويد الذي اعتاد على الزحف داخل الكهوف منذ الصغر يشعر بالعجز أكثر من أي وقت في حياته ، وقد أصبحت يديه مليئة بالماء من أثر دفعه للصخور ، كما تساقط الجليد على وجهة من خلال سقف الكهف ، وكانت درجة الحرارة داخل الكهف الرطب 54 درجة فهرنهايت .

وبالرغم من أن فلويد كان يعرف أن أهله وأصدقائه لن يشعروا بغيابه إلا بعد عدة ساعات ولكنه صاح طلبًا للمساعدة حتى انقطع صوته ، وفي صباح يوم السبت وجد الجيران معطف فلويد معلقة داخل مدخل الكهف ، فقاموا بالزحف عبر الممر الضيق حتى سمعوه يصرخ ، ثم قاموا بتجميع فريق الإنقاذ .

وكان شقيق فلويد الأصغر هومر من أوائل من وصل إليه ولكن جسد فلويد كان محصور بإحكام داخل الكهف ولم يستطيع هومر الوصول إلى قدمه ، وكان أفضل ما أمكنه فعله هو إزالة الأوساخ من فوق فلويد وإطعامه وإعطاؤه القهوة ووضع قطعة قماش زيت على وجهه للتخفيف من تعذيب الماء البارد المتساقط ، وكان فلويد يصرخ مرارًا وتكرًا “خذني إلى البيت هومر” ثم يخرج من وعيه .

وفي اليوم الثالث للاحتجاز أرسلت جريدة تسمى Louisville Courier-Journal مراسلًا يبلغ من العمر 21 عامًا ويسمى وليام ميلر إلى مكان الحادث ، وعندما وصل المراسل إلى الكهف سأل هومر عن التفاصيل ولكنه انفعل وتوترت أعصابه وقال للصحفي ” إذا كنت تريد معلومات ، فالفتحة هناك ، يمكنك النزول والتعرف بنفسك ” ، وبالفعل دخل ميلر إلى الكهف .

حساسية وسائل الإعلام

حولت تغطية ميلر المثيرة مأساة محلية إلى دراما وطنية ، وقامت الصحف بنشر أخبار جديدة من الصحفي ميلر ، حيث أنه كان الصحفي الوحيد الذي وصل إلى فلويد في الكهف ، وكانت الأخبار التي يرسلها تنشر في أكثر من 1200 صحيفة ، وأصبح الشاهد التاريخي في الكفاح من أجل تحرير فلويد .

تبع ذلك العديد من محاولات لإنقاذ فلويد ومنها ربط جزع فلويد بحبل ومحاولة جذبه ، ولكنه كان يصرخ توقف ، توقف ! ، وقد حاول الصحفي ميلر نفسه رفع الصخرة بعتلة ولكن دون جدوى ، وخلال ذلك الوقت كان ميلر هو صوت فلويد ، وقد قام بما أطلق عليه “أغرب مقابلة في تاريخ الصحافة ” حيث كان يتحدث ويستمع إلى رجل يتحدث عبر ثقب مظلم مضاء بضوء خافت .

في الساعات الأولى من اليوم الخامس ، انهارت جدران الكهف ، وقطع فلويد عن رجال الإنقاذ وعن الطعام وعن الأمل ، وكانت الكلمات الأخيرة التي سمعها المنقذون منه ، ” أنت بطيء للغاية ، بطئ جدًا ”

ومع ذلك لم يستسلم رجال الإنقاذ وركز المهندسون كل جهودهم على حفر ممر يؤدي إلى مكان فلويد ، ولكن الصخور جعلتهم يتقدموا في الحفر ببطء شديد ، وحدث خلاف بين هومر وبين المسئولين من الحكومة ومنعهم من دخول الكهف ، فقد كان يرى أن السبيل الوحيد لإنقاذ شقيقه هو استمرار الحفر .

وفي يوم الأحد 8 فبراير وفي تطور مأساوي ،أصبح فلويد نفسه هو نقطة الجذب السياحي التي كان يبحث عنها ، حيث توافد آلاف الفضوليين على المنطقة ، وتوافد باعة البالونات والهوت دوج والفطائر على المنطقة .

استمر الإنقاذ لمدة أسبوع وانتهى في 16 فبراير عندما شق أحد العمال طريقه ووصل إلى مكان فلويد أخيرًا واستطاع أن يرى جثته من خلال ضوء المصباح ، وقدر الأطباء أن فلويد ظل على قيد الحياة حتى قبل إنقاذه بأيام قليلة .

عندها غادر الصحفيون وأدعى مسئولي الحكومة أن استخراج الجثة سيكون خطيرًا ، ولكن هومر أصر على استئجار عمال مناجم لاستخراج جثة شقيقه ، وتم دفنه في مقبرة بجوار المنزل ، ولكن فلويد لم يسترح لمدة 60 عامًا .

بيع جثة فلويد

فقد باع والده كهف الكريستال لطبيب أسنان محلي  ، وأخذ الطبيب جسد فلويد أيضًا ، وحفظه داخل نعش زجاجي ، وكتب عليه أعظم مستكشف كهوف على الإطلاق ، ووضع النعش داخل كهف الكريستال وكان يجذب حشود الزائرين للنظر من خلال نافذة صغيرة إلى الجثة التي كانت تنقصها قدم تم قطعه عند استخراج الجثة من الكهف .

ولكن في مارس 1929 ، اختفى الجسد ! وتم العثور عليه بعد ساعات بمساعدة الكلاب البوليسية ، على حافة النهر الأخضر ، وتم إرجاع البقايا إلى الكهف ، وفي عام 1961 ، تم بيع كهف الكريستال إلى الحكومة الفيدرالية ، التي ورثت الآن المشكلة اللاصقة لما يجب فعله بالجسد ، فقرروا تركه داخل الكهف .

وبمرور الوقت ، ضغط أقارب فلويد على خدمة المتنزه الوطني للإفراج عن جثمانه لدفنه بالقرب من منزل الأجداد ، وفي 24 مارس 1989 ، تم دفن الجثة للمرة الأخيرة في مقبرة كنيسة بفلينت ريدج .

المراجع:

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى