الملك ريتشارد الثالث

يبرز ريتشارد الثالث بين أقرانه كأحد أشهر ملوك إنجلترا سيئ السمعة ، رغم أنه حكم إنجلترا لمدة عامين فقط – من عام 1483 إلى عام 1485 ، لكن من كان هو ؟ ولماذا يظل يستحوذ كل هذا الاهتمام ؟
ولد ريتشارد في قلعة بنورث هامبتونشاير في 2 أكتوبر 1452 – على بعد 30 ميلاً (50 كم) من مدينة ليستر ، وعلى بعد 40 ميلاً (65 كم) من مدينة بوسورث حيث لاقى حتفه ، وكان ريتشارد وأخوه الأكبر إدوارد أحفاد أحفاد إدوارد الثالث ، وهي سلالة من النسب استخدمت لتبرير المطالبة بالعرش من قبل عائلة يورك أثناء حرب الوردتين (وكانت عائلة لانكستر أيضًا تنحدر من نسل إدوارد الثالث ، عبر طريق مختلف) .
محتويات
الأمراء في البرج
حكم إدوارد وأطلق عليه الملك إدوارد الرابع من عام 1461 حتى 1470 ومرة أخرى من 1471 حتى وفاته في 1483 ، وعندما خلفه ابنه إدوارد الخامس البالغ من العمر 12 عاما ، عُين ريتشارد كوصي ، وانتقل إدوارد الصغير وشقيقه إلى برج لندن (الذي كان حينذاك قصرًا ملكيًا وليس سجنًا) ولكن سرعان ما أُعلن بطلان زواج آبائهم ، مما جعل الأمراء غير شرعيين ومن ثم أصبح عمهم الوريث المتوقع للعرش ، لم يضيع ريتشارد أي وقت وتوج على العرش ليصبح الملك ريتشارد الثالث ، ولم يظهر أي أثر للصبيان بعد ذلك .
وهكذا بدأت أسطورة “الأمراء في البرج” والاعتقاد الشهير منذ الأمد بأن ريتشارد قتل أبناء أخيه من أجل القضاء على أي فرص للمطالبة بالعرش ، وكان هناك جدل واسع النطاق حول هذا الأمر لسنوات عديدة ، وقدمت بعض الأدلة سواء لصالح أو ضد ريتشارد .
الموت والاختفاء
بعد خمد تمرد فاشل في أكتوبر 1483 ، قاد ريتشارد جيشه إلى بوسورث في ليسترشاير بعد عامين لمواجهة هنري تودور (الذي كان يطالب بالعرش من خلال إدعاء نسبه إلى إدوارد الثالث أيضا) ، وفي 22 أغسطس 1485 قُتل ريتشارد في بوسورث فيلد ، وكان آخر ملك إنجليزي يموت في معركة ، وبذلك وضع حدًا لكل من سلالة بلانتاجينت وحرب الوردتين ، وتوج هنري تيودور وأصبح الملك هنري السابع .
أُعيد جثمان ريتشارد إلى ليستر ، وعرض علنًا ومن ثم عهُد به إلى مجموعة من الرهبان الفرنسيسكان للقيام بالدفن ، وتم تشييد نصب تذكاري على المقبرة في عام 1495 ، بتمويل من الملك الجديد ، ومع حل الأديرة (بواسطة ابن هنري تودور ، هنري الثامن) اختفى الرهبان وأي دليل واضح لقبر ريتشارد ، وقد انتشرت القصص والشائعات حول مكان وجود رفات ريتشارد على مدى القرون التي تلت ذلك ، ولكن تبين أن معظم هذه القصص خيالية .
إعادة تقييم ريتشارد
يقال أن التاريخ يكتب بأيدي المنتصرين ، ولم يتردد كتّاب وفنانو تيودور من تصوير ريتشارد الثالث على أنه طاغية شرير وقاتل للأطفال ، بالإضافة إلى كونه أحدب وأعرج ، كما رسخت مسرحية شكسبير “ريتشارد الثالث” ، والتي كُتبت بعد 106 عام من وفاة ريتشارد سمعة الملك السيئة و كذلك مظهره بين عامة الناس على مدى قرون ، على الرغم من سعي العلماء ومن بينهم فرانسيس بيكون وهوراس والبول إلى إعادة تقييم عهده .
وقد تأسست في عام 1924 منظمة تهدف لتحدي المعتقدات والافتراضات حول ريتشارد الثالث ، خاصة الاتهام بالقتل والتصوير الشهير لريتشارد على أنه يعاني من انحناء بالعمود الفقري ، وأشاروا إلى أنه من بين الأعمال الجيدة التي لا يمكن تجاوزها لهذا الملك الشهير ، هي عدد من التغييرات الهامة في القانون الإنجليزي ، بما في ذلك افتراض “المتهم بريء حتى تثبت إدانته” وإعادة تشكيل نظام هيئة المحلفين .
وهكذا مع كل الجدل المثير لأحقيته للعرش ، واتهامه بالقتل ، ونهايته العنيفة والدموية ، ولا ننسى الجدل حول مظهره الجسدي – فلا عجب أن يستمر ريتشارد الثالث في إثارة إعجاب المؤرخين والعلماء والجمهور في القرن الواحد والعشرين .