شخصيات

إليزابيث فريدمان رائدة علم التشفير

إليزابيث فريدمان هي رائدة في مجال علم التشفير وهو الذي يدرس كتابة وحل الرموز السرية ، وكان زوجها وليام فريدمان خبير في فك الشفرات يعمل مع الجيش الأمريكي خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية ، وعلى الرغم من أن وليام فريدمان كان واحد من أكبر الأسماء في مجال تحليل الشفرات ، إلا أن معظم المؤرخون قد تجاهلوا حقيقة أن زوجته أيضًا كانت من أكبر الشخصيات المتمرسة في هذا المجال .

حياتها المبكرة

كانت إليزابيث هي الابنة الصغرى بين تسعة أطفال ولدوا لعائلة كويكرز ، وكانت الفتاة الصغيرة واعدة وأظهرت موهبتها في تعلم اللغات منذ الصغر ، وكانت مصرة على الذهاب للجامعة بالرغم من رفض والدها ، وقد انتهى بها المطاف لاقتراض رسوم الجامعة منه مقابل أن تدفعها له بفائدة 6% ، وبالفعل بدأت دراستها في كلية ووستر في أوهايو عام 1911 ، وأنهت دراستها في كلية هيلزديل في ميشيغان ، وتخصصت في اللغة الإنجليزية ، ثم درست أيضًا الألمانية واليونانية واللاتينية في هيلسديل ، حيث اكتشفت حبها لشكسبير مدى الحياة .

العمل في مجال التشفير

بعد تخرجها بفترة صغيرة عملت إليزابيث لفترة قصية كمديرة بديلة في إحدى المدارس الثانوية بولاية إنديانا ، وفي عام 1916 تركت وظيفتها بسبب الملل وسافرت إلى شيكاغو وزارت مكتبة نيوبيري وهناك كان العرض الأول لفيلم شكسبير ، وفقد سألت إليزابيث أمناء المكتبة ، إذا كانوا على علم بأي وظائف أدبية أو بحثية متاحة .

وفي غضون دقائق ، تم تقديمها إلى شخص غريب الأطوار يسمى جورج فابيان ، والذي كان يدير منشأة أبحاث خاصة تبلغ مساحتها 500 فدان تسمى ريفر بانك في جنيف بإلينوي ، وفي ذلك الوقت كان فابيان أيضًا يستخدم باحثة أخرى تدعى إليزابيث ويلز غالوب ليحاول إثبات أن السير فرانسيس بيكون هو المؤلف الحقيقي لمسرحيات شكسبير ، وكانت غالوب في حاجة إلى مساعدة  باحث أخر ، فتم أخذ إليزابيث إلى ريفربانك لإجراء مقابلة ، وبعد بضعة أيام تم تعيينها .

وفي ريفربانك بدأت إليزابيث تعمل على شفرات أدعىت غالوب أنها كانت مخبأة في سوناتات شكسبير ومن المفترض أن ذلك يثبت أن بيكون هو من ألف المسرحيات .

وكان فابيان يستخدم عالم وراثة ولد في روسيا وتعلم في جامعة كورنيل يسمى وليام فريدمان للعمل في مجال القمح ، على الرغم من أن وليام كان منجذب للمشاركة في مشروع شكسبير ،  وهناك وقع وليام وإليزابيث في الحب وتزوجا في مايو 1917 بعد شهر واحد من دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الأولى .

وكان ريفر بانك هو واحد من أوائل المعاهد البحثية التي ركزت على علم التشفير ، وفي الأيام الأولى للحرب ، اعتمدت وزارة الحرب على ريفر بانك بشكل حصري تقريبا ، وقد كتبت إليزابيث في مذكراتها : ” لم يكن يُعرف الكثير في هذا البلد عن الرموز والأصفار عندما دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الأولى ، وأننا يجب أن نكون نحن المتعلمين والعمال والمعلمين في وقت واحد”.

كما عمل كلًا من إليزابيث ووليام فريدمان في بعض الأحيان مع حكومات أخرى ، ففي أحد المرات وبعد توصية من وزارة العدل الأمريكية أرسلت إليها سكوتلانديارد البريطانية صندوق مليء بالرسائل الغامضة التي يشتبه أنها تستخدم لتسهيل انتفاضة في الهندوالتي أصبحت مستعمرة بريطانية فيما بعد .

وكانت الرسائل عبارة عن مجموعات من الأرقام ، وقد استطاعت إليزابيث حلها والكشف عن مؤامرة هندية ألمانية ، حيث كان النشاء الهنود في الولايات المتحدة يشحنون الأسلحة إلى الهند بمعرفة الألمان .

انتهت الحرب في عام 1918 ، لكن إليزابيث ووليام واصلوا عملهم من أجل الجيش ، وفي عام 1921 ، انتقلوا إلى واشنطن العاصمة للتركيز على العمل العسكري بدوام كامل .

وبعد فترة من العمل لصالح البحرية ، تركت إليزابيث العمل لبضع سنوات للتفرغ لتربية أطفالها باربرا وجون ، وكن في عام 1925 طلب منها خفر السواحل المساعدة في بعض القضايا المتعلقة بحظر الخمور، فكانت تفك الرسائل الإذاعية المشفرة التي يرسلها مهربي المشروبات الكحولية الذين أخفوا الكحول في شحنات مجوهرات وعطور .

وقد كانت خدمات إليزابيث للبحرية لا تقدر بثمن ، فقد استطاعت حل الكثير من القضايا ، حتى أن الحكومة الكندية انبهرت بعملها وطلبت من الولايات المتحدة مساعدتها في القبض على عصابة من مهربي الأفيون الصينيين ، وأدّت شهادتها في وقت لاحق إلى خمس إدانات .

ولم تكن إليزابيث وزوجها مجرد محللي شفرات ولكن كان التشفير شغفهم الشخصي سواء في العمل أو في حياتهم العائلية ، فقد استخدم الزوجان الأصفار في التجمعات العائلية مع أطفالهما ، وطوروا أكوادًا مختلفة للتواصل مع بعضهم البعض طوال فترة علاقتهم الطويلة ، حتى أنهم كانوا معروفين باستضافة حفلات العشاء حيث يتم ترميز قوائم الطعام ، وكان على الضيوف من أجل المضي قدمًا إلى الدورة التالية ، أن يقوموا بحل بعض الألغاز .

وخلال الحرب العالمية الثانية عملت إليزابيث لمكتب OSS ، وهو وكالة الاستخبارات السابقة ل CIA ، كما أن زوجها كان في قياة الفريق الذي اكتشف آلة التشفير الأرجوانية اليابانية ، وهو اكتشاف منح الحكومة الأمريكية إمكانية الوصول إلى الاتصالات الدبلوماسية قبل تفجير بيرل هاربور .

وقد كانت نجاحات إليزابيث أقل شهرة من زوجها ، ولكنها في الواقع ساهمت في إيقاع العديد من الجواسيس النازيين أثناء الحرب ، وعملت في العديد من الملفات التي تم تصنيفها على أنها سرية للغاية

كما أنها شاركت مع مكتب التحقيقات الفيدرالي في العديد من القضايا ، ومن أشهرها القضية المعروفة باسم Doll Woman Case والتي ساهمت في الإيقاع بالجاسوس فيلفالي ديكنسون عام 1944 .

التقاعد والوفاة

تقاعدت إليزابيث بعد انتهاء الحرب عام 1946 ، وتقاعد زوجها في العام التالي ، وفي عام 1946 نشروا أخيرًا بحثهم عن شكسبير ، والذي نفى الادعاء بأن بيكون هو مؤلف أعمال شكسبير .

وبعد وفاة زوجها عام 1969 كرست إليزابيث جهدها لجمع وتوثيق أعماله في عالم التشفير بدلًا من تخليد أعمالها الاستثنائية في هذا المجال ، وتوفت عام 1980 وتم دفنها مع زوجها في مقبرة أرلينجتون الوطنية .

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى