اغتيال ولي عهد النمسا واندلاع الحرب العالمية الأولى

كانت حادثة اغتيال ولي عهد النمسا هي السبب المباشر لاندلاع الحرب العالمية الأولى ، والتي راح ضحيتها أكثر من 9 ملايين جندي وما يقرب من ذلك من المدنيين .
محتويات
مقدمة الأحداث
وقع الأرشيدوق فرانس فرديناند في حب صوفي تشوتيك وأصر على الزواج منها عام 1900 على الرغم من معارضة عمه الإمبراطور النمساوي المجري فرانز جوزيف ، والذي رفض حضور حفل الزفاف على الرغم من أن صوفي لم تكن من العامة ، إلا أن صوفي أتت من عائلة من النبلاء التشيكيين المغمورين وليس من سلالة حاكمة في أوروبا .
وقد تم الإعلان عن أن أبناء فرديناند وصوفي ليسوا مؤهلين لوراثة العرش ، كما أصبحت صوفي ضحية لسوء المعاملة ، على سبيل المثال أثناء المآدب الملكية لم يكن يسمح لها بالدخول بجوار زوجها ولكنها كانت تدخل الغرفة بعد الضيوف ، كما لم يكن يسمح لها بالجلوس بجوار زوجها على مائدة العشاء .
ولكن بالرغم من ذلك ظل فرديناند هو وريث فرانز جوزيف والمفتش العام على الجيش ، ولأنه كان في تلك المرتبة وافق على حضور تدريبات عسكرية للجيش في البوسنة والهرسك في يونيه عام 1914 ، فقد كانت مملكة النمسا-المجر قد ضمت تلك المحافظات إليها وذلك ضد رغبة دولة صربيا المجاورة والتي كانت دائمًا ا تطالب بحقها في تلك المناطق .
ولكن فرديناند كان دائمًا يرى أن الصرب هم خنازير ولصوص وقتلة وأوغاد لكنه بالرغم من ذلك كان يعارض ضم البوسنة والهرسك خشية أن يؤدي ذلك لجعل الوضع السياسي المضطرب بالفعل أكثر سوءً ، فقد كانت البوسنة والهرسك تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية في الماضي ، وكانت تضم مجموعة مختلفة من الأعراق وقد كان الصرب يشكلون 40% من سكانها و30% مسلمين و20% من الكروات ومجموعة أخرى من الأعراق التي تشكل أقلية .
وعند انتشار خبر زيارة فرديناند للبوسنة بدأ مجموعة من الطلاب ينتمي لمجموعة تسمى “شباب البوسنة ” بالتآمر لاغتياله ، وفي مايو سافر كل من غافريلو برينسيب وتريفكو غرابيز ونديليكو كابرينوفيتش إلى العاصمة الصربية بلغراد ، حيث استلموا ست قنابل يدوية وأربعة مسدسات شبه أوتوماتيكية وكبسولات انتحار سيانيد من أعضاء ما يسمى “اليد السوداء” ، وهي جماعة إرهابية قريبة العلاقات مع الجيش الصربي .
وبعد أن تدرب الشباب على استخدام أسلحتهم في حديقة بلغراد ، عادوا إلى البوسنة والهرسك ، وقد ساعدتهم “اليد السوداء ” في تهريب الأسلحة إلى داخل البوسنة ، وحتى الآن يبقى من غير الواضح إذا كانت الحكومة الصربية قد شاركت في عملية الاغتيال أم لا .
محاولة الاغتيال الأولى
تلقى الأرشيدوق تحذيرات كثيرة لإلغاء رحلته إلى البوسنة وقد أدرك الأرشيدوق أنه ربما يكون معرض للخطر وبالرغم من ذلك سافر إلى البوسنة مع زوجته صوفي في 23 يونيو ، وقد تعرضت محاور سيارته للسخونة فقال ” ها قد بدأت رحلتنا بفأل سيء ، فالآن احترقت سيارتنا ، وفيما بعد ربما يلقون علينا القنابل ” .
وصل الأرشيدوق إلى مدينة سبا على بعد أميال قليلة خارج سراييفو عاصمة البوسنة والهرسك ، وحضر يومان من التدريبات العسكرية ، بينما زارت زوجته دور الأيتام والمدارس ، كما زار الزوجان بازار في سراييفو واستقبلتهم مجمووعة من الحشود بدفء وحفاوة ، وكان من بين الحشود غافريلو برينسيب ، كما حضر الزوجان مأدبة مع السياسيين والقادة الدينين وبقى يوم واحد في الزيارة .
في صباح ذلك اليوم ، 28 يونيو ، أرسل الأرشيدوق برقية لابنه البكر لتهنئته على نتائج امتحاناته الأخيرة ، ثم صعد هو وصوفي في رحلة قصيرة بالقطار إلى سراييفو ، ولمرة واحدة ، سُمح لصوفي بالسير إلى جانب فرديناند خلال تفتيش قصير للقوات ، وبعد ذلك دخل الزوجان في سيارة مفتوحة ليذهبا في موكب عبر المدينة ، وكان من المفترض أن تحمل السيارة التي كانت أمامهم ستة ضباط مدربين تدريبًا خاصًا ، ولكن بدلًا من ذلك تم إرسال ضابط واحد فقط مدرب ، بالإضافة إلى ثلاثة من رجال الشرطة المحليين ، وفي الواقع ، طوال الرحلة ، يزعم أن المسؤولين النمساويين-المجريين ركزوا اهتمامًا أكبر على قوائم العشاء أكثر من التركيز على التفاصيل الأمنية .
وقد تم الإعلان عن خط سير الموكب وخلال الموكب اصطف 6 من شباب البوسنة على طول رصيف آبيل وهو الطريق الرئيسي في سراييفو الموازي لنهر ميلجاكا ، وسأل الشاب كابرينوفيتش عن السيارة التي تحمل الأرشيدوق ، وقام بإلقاء قنبلة على السيارة ولكنها اصطدمت بالسقف المطوي وارتدت تحت السيارة الخطأ ، وحدث انفجار أدى إلى إصابة اثنين من الضباط وعدد من المارة ولم يصاب فرديناند أو صوفي بأذى .
وقد ألقى كابرينوفيتش بنفسه في جزء ضحل من النهر وهو مصاب وحاول أن ينتحر ، ولكن تم القبض عليه وهو يردد “أنا بطل صربي” ، وكان اثنين من زملاؤه مازالوا يراقبون الأرشيدوق ، ولكنهما على ما يبدو فقدا أعصابهما ولم يكملا عملية الاغتيال .
غافريلو برينسيب وتنفيذ الاغتيال
وبدلًا من أن يغادر فرديناند وزوجته البوسنة على الفور ، استمرا في حضور الحدث الذي كان مخطط له في قاعة المدينة ، كما قرر الأرشيدوق أن يزور الضباط المصابين في المستشفى ، وأثناء العودة قرر الأمن المرور رصيف أبيل بسرعة عالية لمنع أي محاولات أخرى ، ولكن ثلاثة سيارات من الموكب دخلوا من شارع جانبي عن طريق الخطأ ، وكان برينسيب يقف في ذلك الشارع ، وقبل أن تعود السيارات إلى الطريق الرئيسي أخرج برينسيب مسدسه وأطلق رصاصتين على الأرشيدوق من مسافة قريبة ، فأصابت إحداها فرديناند في رقبته ، والأخرى أصابت بطن صوفي وتوفى الزوجان .
وعندما ألقي القبض على برينسيب وهو فتى رشيق يبلغ من العمر 19 عام ، اعترف أنه لم يكن يقصد قتل صوفي ، ولأن برينسيب كان أصغر من السن القانوني للإعدام بثلاثة أسابيع ، حكم عليه بالسجن 20 عامًا ، ولكنه أصيب بالسل ومات في أبريل عام 1918 عن عمر يناهز 23 عامًا فقط .
الحرب العالمية الأولى
عجلت عملية الاغتيال باندلاع الحرب بين القوى الأوروبية التي كانت تعاني من توترات كثيرة بالفعل ، فقد حصلت النمسا- المجر على موافقة ألمانيا بفرض إجراء عقابي ضد صربيا ، ولكن صربيا أرسلت رد تم صياغته بأسلوب غير مقبول وقد اقترحت التحكيم لحل النزاع .
ولكن النمسا-المجر أعلنت الحرب عليها في 28 يوليو 1914 أي بعد شهر من وفاة فرديناند بالضبط ، وبحلول الأسبوع التالي ، كانت ألمانيا وروسيا وفرنسا وبلجيكا والجبل الأسود وبريطانيا العظمى قد دخلت جميعاً في النزاع ، كما تدخلت بلدان أخرى مثل الولايات المتحدة في النزاع في وقت لاحق ، واستمر القتال حتى عام 1918.