عام

نظرية التحديد الذاتي

نظرية التحديد الذاتي هي إطار نفسي لفهم دوافع الإنسان ، وقد تم وضع تلك النظرية بواسطة علماء النفس ريتشارد ريان وإدوارد ديسي عندما كانوا يبحثون عن داقع جوهري أو رغبة جوهرية تجعل الإنسان يفعل الأشياء من تلقاء نفسه وليس بسبب دافع أو مكافأة خارجية ، وتنص تلك النظرية على أن الأشخاص تدفعهم ثلاثة احتياجات نفسية أساسية ، وهي الاستقلالية والكفاءة والعلاقات .

أصول نظرية التحديد الذاتي

في فترة السبعينيات قام إدوارد ديسي بإجراء بحث عن الدوافع الذاتية لدى الإنسان ، وقارن بين الدوافع الذاتية (الداخلية) والدوافع الخارجية أو بمعنى أخر أن يفعل الإنسان شيء ما من أجل الحصول على مكافأة خارجية سواء كانت تلك المكافأة مالًا أو مديح أو أي شيء أخر يرغب فيه الإنسان .

على سبيل المثال طلب ديسي من مجموعتين من الطلاب حل مجموعة من الألغاز الميكانيكية ، وقيل لإحدى المجموعات أنها سوف تحصل على دولار مقابل كل لغز قاموا بحله ، أما الأخرى فلم يعرض عليها أي مكافأة ، بعد فترة من الزمن تم منح المجموعتين فترة حرة حيث يمكنهم اختيار ما يريدون القيام به من أنشطة ، وقد وجد أن المجموعة التي لم تحصل على المكافأة استغلت الوقت الحر لحل الألغاز المكانيكية أكثر من المجموعة التي تنتظر المكافأة حيث وجدوا أن الألغاز أقل إثارة للاهتمام من المجموعة الأخرى .

وقد أظهرت دراسات ديسي والدراسات المماثلة التي أجراها باحثون آخرون ، أن الدافع الذاتي يمكن أن يتم تقليصه عن طريق المكافآت الخارجية ، ويقول ديسي أنه عندما يتم تقديم مكافآت فإن الناس لم يعودوا يرون سببًا للقيام بنشاط من أجل مصلحتهم وبدلًا من ذلك يرون هذا النشاط وسيلة لمكافأة خارجية ، وبالتالي تصبح المهمة أقل إثارة للاهتمام لأن سبب القيام بها يأتي من دوافع خارجية .

وبالطبع هذا لا يشمل جميع المكافآت الخارجية ، فإذا كان النشاط مملًا ، فقد تكون المكافأة الخارجية بمثابة حافز يمكن الأشخاص من تحسين أدائهم للمهمة ، وأيضًا فإن المكافآت الاجتماعية مثل الثناء والتشجيع أن تزيد من الدافع الذاتي لدى الإنسان .

وهذه الأمثلة توضح الفرق بين الدوافع الذاتية والدوافع الخارجية وأن كليهما ليسا فئات جامدة ، ولكنهما في الواقع يعتبران النهايات البعيدة لسلسلة متصلة ، وقد تكون الدوافع الداخلية أكثر من الخارجية أو العكس حسب الظروف ،فقد يستوعب الفرد هدف الذهاب للصالات الرياضية لممارسة التمارين الرياضية بعد تشجيع من العالم الاجتماعي المحيط ، وفي هذه الحالة قد يكون دافع الفرد جوهريًا لأنه يستمتع بألعاب الجمنازيوم ولكنه أيضًا في نفس الوقت قد يكون لديه دوافع خارجية وهي المفاهيم الإيجابية لدى الناس عن الذين يمارسون الرياضة بانتظام .

وتؤكد نظرية ديسي على أهمية أن يعمل الإنسان بدوافعه الداخلية ، بدلًا من الدوافع الخارجية ، فهي ترى الأشخاص على أنهم عاملين ونشيطين وبالتالي فإنهم قادرين على اتخاذ قرار بناء على أهدافهم ودوافعهم وقيمهم الذاتية .

الاحتياجات النفسية الأساسية للإنسان

يعرف ريان وديسي الاحتياجات النفسية الأساسية على أنها “المواد الغذائية الضرورية للنمو النفسي والصحة العقلية ” ، وفي نظرية التحديد الذاتي تعل الاحتياجات النفسية الأساسية كساس لنمو وتكامل شخصية الإنسانية ومن أجل تنميتها اجتماعيًا بشكل إيجابي والحفاظ على رفاهها ، وتحدد النظرية ثلاثة احتياجات محددة قابلة للتطبيق ، وهذه الاحتياجات هي ، التحكم الذاتي (الاستقلالية) والكفاءة والعلاقات .

التحكم الذاتي

التحكم الذاتي أو الاستقلالية هي القدرة على الشعور بالاستقلالية والقدرة على التصرف في العالم بطرية تتناسب مع رغبات المرء ، وإذا كان المرء يفتقر إلى الاستقلالية ، فإنه يشعر بأنه تحت سيطرة أشخاص أو قوى لا تتماشي ما ماهيته ، سواء كانت تلك القوى داخلية أو خارجية ، ويعتبر الاستقلال هو الأقل قبولًا كحاجة نفسية في نظرية التحكم الذاتي ، حيث يرى بعض علماء النفس أن التحكم الذاتي ليس حاجة نفسية لأن الأشخاص إذا كانوا غير مستقلين فإن ذلك لن يسبب لهم أمراض نفسية أو سلوكية .

الكفاءة

والكفاءة هي القدرة على الشعور بالفاعلية فيما يفعله الشخص ، وعندما يشعر بالكفاءة فإنه يشعر بالقدرة على السيطرة على بيئته ويشعر بالثقة في قدراته ، وتزداد الكفاءة عندما يمنح الفرد فرصة لممارسة مهارته في التحديات التي تتوافق مع قدرته على النحو الأمثل ، وإذا كانت المهام صعبة جدًا أو سهلة جدًا فإن الشعور بالكفاءة لدى الفرد يقل .

العلاقات

العلاقة هي الفدرة على الشعور بالاتصال مع الآخرين وأيضًا الشعور بالانتماء ، ويجب أن يشعل الفرد بالانتماء للأفراد الآخرين الموجودين في مداره من أجل تلبية الاحتياجات ذات الصلة بهم .

الاحتياجات النفسية الأساسية في العالم الحقيقي

أظهرت الأبحاث أن الاحتياجات النفسية الأساسية الثلاثة مهمة في مجموعة متنوعة من المجالات منها العمل والدراسة والرياضة والسياسة ، على سبيل المثال أظهرت الأبحاث أن الطلاب من جميع الأعمار يستجيبون بشكل أفضل للمعلمين الذين يعززون استقلالية الطالب ، وهؤلاء الطلاب يظهرون حافز داخلي أكبر داخل الفصل ويتعلمون بشكل أفضل ، كما ظهر ذلك أيضًا في مجال الأبوة ، حيث أن الأطفال ذوو الآباء الأكثر تسلطًا كانوا أقل اهتمامًا ونجاحًا من الأطفال الذين دعم والديهم استقلاليتهم .

تعزيز التحكم الذاتي

تعتمد نظرية التحكم الذاتي على قدرة الفرد على تلبية احتياجاته الداخلية والوفاء بقيمه ورغباته الخاصة ، ومع ذلك فإن التحكم الذاتي يمكن تعزيزه من خلال التركيز على الأمور التالية :

  • تحسين الوعي الذاتي من خلال الفحص الذاتي والتفكير المستمر .
  • وضع الأهداف ووضع خطط لتحقيقها .
  • تحسين مهارات صنع القرار وحل المشكلات لدى الفرد .
  • تحسين عملية التنظيم الذاتي .
  • البحث عن الدعم الاجتماعي والتواصل مع الآخرين .
  • اكتساب السيطرة على أي مناطق لها معنى خاص بالنسبة لك .
الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى