حادثة قصف دريسدن

دريسدن مدينة ألمانية وهي تعتبر من أشهر مدن ألمانيا وذلك بسبب حادثتها الشهيرة ، حيث شرعت قوات الحلفاء في يوم 13 فبراير 1945م ، في شن غارات عنيفة على المدينة لتدميرها بالكامل ، مما أسفر عنه مقتل ما بين 22700 إلى 25 ألف شخص ، وبعض التقديرات تشير إلى أن عدد ضحايا هذا القصف بلغ 500 ألف ، وتعتبر هذه الحادثة من أكثر حوادث الحرب العالمية الثانية إثارة للجدل ، وذلك لأن قصف المدينة في ذلك التوقيت لم يكن له أي قيمة استيراتيجية للحلفاء ، حيث أن الجيش الألماني كان قد انهزم وأوشك على الاستسلام بالفعل ، ومازال كثير من الناس يعتبر أن ما حدث في دريسدن هو جريمة حرب .
وقد تألف القصف من أربع غارات منفصلة ، قامت بها 722 طائرة مقاتلة من القوات الملكية البريطانية ، و 527 مقاتلة تابعة للجيش الأمريكي ، وقامت المقاتلات بإلقاء أكثر من 3900 طن من المتفجرات على المدينة ، و نتج عن ذلك تدمير مساحة 1600 فدان من وسط المدينة ، وتدمير واحدة من أكثر المدن الألمانية حضارة وثقافة تدميرًا كاملًا .
وقد كتب المؤرخ البريطاني فريدريك تايلون عن قصف دريسدن قائلًا : ” إن تدمير درسدن يعتبر من الأحداث المأساوية في التاريخ ، لأن المدينة كان لها طابع تاريخي ، وقد كانت مدينة جميلة ورائعة ورمز للعصر الباروكي ،وهي أفضل ما في ألمانيا ، كما أن المدينة تحملت أسوأ الأفعال خلال حكم النازيين ، ولذلك فإن هذا القصف يعتبر مأساة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، وهي رمز لأهوال حرب القرن العشرين ” .
وقد استغل النازيين هذا التدمير على الفور في دعايتهم ، كما استخدمها أيضًا منكري والمدافعين عن الهولوكوست للتدليل على التكافؤ الأخلاقي بين القوى المحورية المتحاربة ، ومع ذلك فإنه حتى الآن لا يوجد مبرر أخلاقي لهذا القصف .
وحتى أن هذا القصف قد أدى إلى الجدل بين الحلفاء أنفسهم ، حتى أن وينستون تشرشل كتب في مذكراته :
” يبدو لي أنه قد جان الوقت في إعادة النظر في مسألة قصف المدن الألمانية لمجرد الإرهاب ، رغم وجود أسباب أخرى لهذا القصف ، إلا أن سوف نحصل على أرض مدمرة تمامًا في النهاية ، ومازال استهداف درسدن يطرح تساؤلًا كبيرًا حول سلوك الحلفاء في القصف ، وأنا اقترح من الآن فصاعدًا أن يتم دراسة الأهداف العسكرية قبل قصفها بعناية أكبر ، وذلك لمصلحتنا قبل أن يكون لمصلحة العدو .
لقد تحدث إلى وزير الخارجية بهذا الشأن ، وأنا أشعر بضرورة تركيز القصف على الأهداف العسكرية فقط مثل النفط والاتصالات ومناطق القتال المباشر ، بدلًا من القصف لمجرد الإرهاب والتدمير الوحشي مهما كان الأمر مغريًا ” .
وقد تم تصوير تفجير دريسدن في رواية المسلخ رقم 5 للكاتب الأمريكي كورت فونيجوت ، وكتب في مقدمة النسخة التي تم إصدرها عام 1976م : ” فظاعة حادثة دريسدن المُكلفة للغاية والمخطط لها بدقة ، لم يكن لها معنى ، وأن شخص واحد فقط على هذا الكوكب هو الذي استفاد منها وهو أنا كاتب هذه السطور ، حيث حصلت على كثير من الأموال والسمعة الطيبة من وراء هذه القصة و حصلت على دولارين أو ثلاثة في مقابل كل فرد قتل ، لذلك فأنا مشارك في تلك الجريمة بطريقة ما ” .